#مؤسسة_رؤى_للدراسات
تعتبر مشكلة تهريب الأدوية من بين الأزمات المزمنة التي يعاني منها غالبية العراقيين منذ أكثر من عقدين، وتشمل خصوصاً أولئك الذين لا تسمح إمكاناتهم المادية بتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية من مصادر خارجية في ظل ارتفاع أسعارها، على الرغم من أن الدولة تدعمها أصلاً، في حين تعاني المستشفيات الحكومية من نقص حاد في الأدوية يقف وراءه الفساد والسرقة، ما يجعل الكثير من العراقيين يتحملون تكاليف شراء الأدوية المفقودة من الصيدليات بمبالغ باهظة.
في مارس/ آذار الماضي، أكدت وزارة الصحة العراقية تسريب أدوية إلى القطاع الخاص، وأعلنت أنها تلاحق المتورطين في تلك العملية، وأنها شكلت لجنة متخصصة لإجراء تحقيق عميق ومفصّل في الحادثة تمهيداً لإحالة من يثبت ضلوعهم فيها إلى الجهات القضائية لتطبق القوانين النافذة في حقهم.
وأوضحت وزارة الصحة في بيان أن “حادثة تسريب الأدوية حصلت في دائرة صحة محافظة صلاح الدين”، لكنها لم تعلن، على غرار المحاكم، أي من نتائج التحقيق، في حين دعت أوساط طبية ورقابية إلى محاسبة المسؤولين المتورطين في سرقة الأدوية، وعدم الاكتفاء بإبعادهم من مناصبهم.
ويؤكد عراقيون كثيرون أن الأدوية التي يصفها أطباء المستشفيات الحكومية عادة ما تكون من الأصناف التي تعتمدها وزارة الصحة، لكن لا يمكن إيجادها في المستشفيات، بل تتواجد فقط في الصيدليات ومخازن تابعة للقطاع الخاص، وهم يبدون استغرابهم لتسرّب تلك الأدوية التي يفترض أن يكون مكانها في المستشفيات إلى القطاع الخاص، ويؤكدون أن المستشفيات الحكومية تكاد تكون خالية من الأدوية، ولا تتوفر فيها أحياناً المستلزمات الأكثر بساطة، مثل المحاقن وحبوب معالجة الصداع وحتى القطن، لذا تفضّل الصيدليات أن تكون قرب المستشفيات. وبالطبع يرهق هذا الأمر كاهل المواطنين محدودي الدخل”.
وتحدث رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني عن مشكلة الأدوية في البلاد عدة مرات، وأكد تهريبها عبر طرق مختلفة، من بينها من المستشفيات الحكومية إلى السوق السوداء، وقال: “يُنفق العراق نحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً لاستيراد الأدوية، ومعظم هذه الأدوية المستوردة لا تخضع لفحص أو ورقابة، أما الصناعات المحلية للأدوية فلا تغطي إلا 10 في المائة من الاحتياجات الفعلية”، موضحاً أن قطاع صناعة الأدوية “يحتاج إلى إعادة تنظيم، وإنهاء الاستيراد العشوائي لتحقيق أمن دوائي متكامل”.