#مؤسسة_رؤى_للدراسات
انتشل عمال الإنقاذ، رضيعاً يبلغ من العمر 10 أيام ووالدته من تحت الأنقاض في تركيا، فيما أقر الرئيس رجب طيب أردوغان للمرة الأولى بأن جهود الإغاثة في أعقاب الزلزال لا تمضي بالسرعة المأمولة.
وعثرت فرق الإنقاذ على أطفال أحياء، أمس الجمعة، لكن الأمل في العثور على ناجين آخرين في سوريا وتركيا يتضاءل، بعد مرور خمسة أيام على الزلزال المدمر الذي أودى بأكثر من 23 ألف شخص، في إحدى أسوأ الكوارث التي تشهدها هذه المنطقة منذ قرن، فيما وافقت دمشق على توصيل المساعدات الدولية للمناطق المتضررة والخارجة عن سيطرتها.
وحذرت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، أمس الجمعة، من أن الزلزال قد يكون شرد 5.3 مليون شخص في سوريا، وقال ممثل المفوضية في سوريا سيفانكا دانابالا خلال مؤتمر صحافي عقد في جنيف، وشارك فيه من دمشق، “هذا رقم ضخم لدى شعب يعاني أساساً نزوحاً جماعياً”.
وواجه أردوغان انتقادات من الناجين بسبب نقص عدد المسعفين والمساعدات الإنسانية التي قدمت في الأيام الأولى لأكبر كارثة تضرب تركيا منذ قرابة قرن.
وكان أردوغان قد أقر في وقت سابق هذا الأسبوع بوجود “ثغرات” في استجابة حكومته للكارثة، وقال، الجمعة، خلال تفقده مدينة أديامان التي تضررت بشدة، “للأسف عديد من المباني تضررت إلى حد لم نتمكن معه من تسريع استجاباتنا بالقدر الذي كنا نتمناه”، وأضاف أن تركيا جمعت الآن “ربما أكبر فريق بحث وإنقاذ في العالم” يضم 141 ألف عنصر في المحافظات الـ10 المتضررة.
ورد الرئيس التركي أيضاً على منتقديه قبل انتخابات تخطط الحكومة لإجرائها في 14 مايو (أيار) المقبل قائلاً، “إنهم انتهازيون يريدون تحويل هذا الألم إلى مكاسب سياسية”.
موافقة سورية
في غضون ذلك، وافقت حكومة النظام السوري الجمعة على إيصال مساعدات إنسانية إلى مناطق خارج سيطرتها في شمال البلاد بعد مرور نحو خمسة أيام على الزلزال المدمر، وفق ما نقلت وكالة الإعلام السورية الرسمية “سانا”.
وأعلن مجلس الوزراء في بيان إثر جلسة استثنائية، أن “إشراف الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر العربي السوري على توزيع هذه المساعدات بمساعدة منظمات الأمم المتحدة سيكفل وصولها إلى مستحقيها”.
وقال المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا فابريزيو كاربوني، لوكالة الصحافة الفرنسية، “ترحب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأي خطوات تؤدي إلى إيصال مساعدات ضرورية إلى الناس بسرعة”. وأضاف المسؤول في المنظمة، التي توجد رئيستها في سوريا وزارت مدينة حلب، أن “أي مبادرة تساعد على تخفيف معاناة المدنيين مرحب بها”.
وعادةً ما تنقل الأمم المتحدة المساعدات الإنسانية المخصصة لشمال غربي سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، أو من داخل سوريا، من مناطق سيطرة النظام، إلا أنه لم يتم إرسال أي مساعدات من داخل سوريا إلى شمال غربي البلاد منذ نحو ثلاثة أسابيع.
خلاف محتمل مع روسيا
يناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الأسبوع المقبل إمكانية السماح للأمم المتحدة بتوصيل مساعدات إلى شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة المسلحة عبر أكثر من معبر حدودي تركي بعد الزلزال، في خطوة لا تعتقد روسيا أنها ضرورية.
وأعرب بعض الدبلوماسيين الجمعة عن إحباطهم من تباطؤ المجلس المؤلف من 15 عضواً في التحرك بعد أن ضغط الأمين العام أنطونيو غوتيريش من أجل مزيد من الوصول إلى شمال غربي سوريا عبر تركيا.
وقال دبلوماسي بالأمم المتحدة مطلع على المناقشات، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته “هناك إحباط من التباطؤ في هذا الأمر، قال الأمين العام إننا بحاجة إلى مزيد من المعابر، يحتاج مجلس الأمن الدولي إلى تكثيف الجهود وإنجاز المسألة”.
وقال سفير البرازيل لدى الأمم المتحدة رونالدو كوستا فيلهو، إن منسق الأمم المتحدة للمساعدات مارتن غريفيث، الموجود في تركيا وسيزور سوريا أيضاً، سيقدم إفادة للمجلس الأسبوع المقبل وإن أي إجراء من المنظمة “سيعتمد على تقييم الوضع الملموس على الأرض، ولن يكون رد فعل حدسياً على ما تنشره الصحافة”.
وأعلن مسؤول أميركي اشترط عدم نشر اسمه أنه بعد تصريحات غوتيريش أول من أمس الخميس، ودعوات منظمات الإغاثة، تضغط الولايات المتحدة على مجلس الأمن لاعتماد قرار آخر “قد يسمح بمعابر حدودية إضافية حتى تتمكن الأمم المتحدة من الوصول إلى المناطق المحتاجة”.
وقال نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي، إن تفويض المجلس الحالي الذي يقصر الشحنات على معبر حدودي واحد كاف، وإنه يمكن توسيع عمليات التسليم عبر الخطوط الأمامية للوصول إلى المحتاجين، وأضاف “سنستمع إلى غريفيث حين يعود”.
قافلة مساعدات ثانية
وتثير كمية المساعدات الضئيلة، التي لم تدخل إلى شمال غربي سوريا سوى بعد أربعة أيام على الزلزال، غضب منظمات محلية وسكان وناشطين في المنطقة.
وقال برنامج الأغذية العالمي إن مخزونه ينفد في شمال غربي سوريا فيما أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن 14 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية عبرت الحدود من تركيا إلى شمال سوريا، الجمعة، وهي ثاني قافلة مساعدات من الأمم المتحدة إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام بعد قافلة أولى من ست شاحنات فقط.
وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة بول ديلون، إن الشاحنات الـ14 تحمل “أجهزة تدفئة كهربائية وخياماً وبطانيات وأغراضاً أخرى لمساعدة المشردين من جراء هذا الزلزال الكارثي”، موضحاً أن المساعدات متجهة إلى إدلب، وتكفي لنحو 1100 عائلة فقط.
وانتقدت منظمة “الخوذ البيضاء”، الدفاع المدني في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، المساعدات الضئيلة التي ترسلها الأمم المتحدة والتي لا تحتوي على معدات لفرق البحث والإنقاذ.
واتهم مدير منظمة “الخوذ البيضاء” رائد الصالح الأمم المتحدة بالفشل في إيصال المساعدات الإنسانية المناسبة، قائلاً إن المنطقة لم تتلقَ أي مساعدات من الأمم المتحدة بهدف الاستجابة للكارثة منذ الزلزال الذي وقع يوم الإثنين الماضي، وإن الشاحنات الست التي عبرت الحدود إلى سوريا، الخميس، كانت من الشحنات المعتادة، لكنها تأخرت.
وقال للصحافيين عبر رابط فيديو من إدلب، إن الشاحنات التي دخلت هي قافلة كان من المقرر أن تدخل، الإثنين، لكنها تأخرت بسبب الزلزال، وأضاف أنه حتى الآن لم تصل أي مساعدات إلى شمال غربي سوريا من الأمم المتحدة في إطار الإغاثة من الزلزال.
ووصف الصالح استجابة الأمم المتحدة بأنها “كارثية”، وقال إن على الهيئة الاعتذار للشعب السوري عن نقص المساعدة التي تقدمها. ولم يرد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية على طلب للتعليق على اتهامات الصالح.
ورداً على سؤال حول إذا ما كانت الشاحنات جزءاً من شحنة مساعدات اعتيادية، وليست مرتبطة بالاستجابة للزلزال، قال ديلون إن “الوضع المحدد مسبقاً” في ما يتعلق بالمساعدات ليس هو القضية. وأضاف أن “القضية هي أن يتم توصيل المساعدات الإنسانية التي تمس الحاجة إليها والمناسبة للمشردين، بما في ذلك الخيم والبطانيات وغيرها من المواد، إلى شمال غربي سوريا في هذا الوقت”.
المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية كورين فلايشر، قالت من جهتها للصحافيين، إن “شمال غربي سوريا، حيث يعتمد 90 في المئة من السكان على المساعدات الإنسانية، يمثل مصدر قلق كبير. نصل للناس هناك، لكننا بحاجة إلى إعادة تعبئة مخزوننا”. وأضافت “مخزوننا ينفد ونحتاج لطريقة لجلب مخزونات جديدة. المعبر الحدودي مفتوح الآن، لكننا بحاجة إلى فتح معابر حدودية جديدة”.
وطلب برنامج الغذاء العالمي 77 مليون دولار لمساعدة 874 ألف شخص تضرروا جراء الزلزال في تركيا وسوريا.
وقال ممثل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في سوريا سيفانكا دانابالا، “نوزع المساعدات منذ اليوم الأول”، مضيفاً في فيديو من دمشق، “وزع جزء كبير منها، ويجب أن يجدد التموين في أسرع وقت ممكن”. وتابع، “نخطط أيضاً لما سيحدث خلال أربعة أو ثمانية أو 12 أسبوعاً”.
وقال أيضاً، “عندما نفكر في ثمانية إلى 12 أسبوعاً، نتحدث عن مساعدة في إيجاد وظائف وإعادة الخدمات الأساسية في المناطق المتضررة”. وطالب بـ”وقف فوري لإطلاق النار” في سوريا لتسهيل توصيل المساعدات إلى ضحايا الزلزال