#معتز_النجم
لقد استوقفتني العبارة التالية في كتاب ادارة التوحش لابو بكر ناجي ودفعتني الى دراسة هذا الكتاب والبحث عن كيفية صناعة الافكار وتهيئة الخطط اللازمة للسير وفق اجندة وسياسات مرسومة مسبقاً ومكسوة بلباس اسلامي يغطي السموم التي تضمرها هذه الافكار والكتب، ويقع هذا الكتاب في 113 صفحة ضمنها الكاتب ستة مباحث و10 فصول ومجموعة من المقالات قدمت بالشرح والتفصيل رؤية القاعدة في كيفية إدارة المناطق التي تسيطر عليها وما ترى أنه “واقع الأمة الإسلامية”. فقد جاءه في الكتاب ((إدارة التوحش هي المرحلة القادمة التي ستمر بها الأمة ، وتُعد أخطر مرحلة فإذا نجحنا في إدارة هذا التوحش ستكون تلك المرحلة – بإذن الله – هي المعبر لدولة الإسلام المنتظرة منذ سقوط الخلافة ، وإذا أخفقنا – أعاذنا الله من ذلك – لا يعني ذلك انتهاء الأمر ولكن هذا الإخفاق سيؤدي لمزيد من التوحش..!!
ولا يعني هذا المزيد من التوحش الذي قد ينتج عن الإخفاق أنه أسـوأ مما هو عليه الوضع الآن أو من قبل في العقـد السـابق [ التسعينات ] وما قبله من العقود بل إنَّ أفحش درجات التوحُّش هي أخفُّ من الاستقرار تحت نظام الكفر بدرجات.))
اذ يعتبر هذا الكتاب هو دستور الجماعات الارهابية من القاعدة الى داعش، ويعتبر منبع للفكر الايدولوجي للجمعات المتطرفة ، فممارسات هذه الجماعات من التنكيل الى التكفير والضرب والرجم والذبح والحرق باركها هذا الكتاب لاقامة مايعرف بالدولة الاسلامية،فالتوحش في وجهة نظر الكاتب هي حالة الفوضى التي تعقب سقوط الدول الكبرى والامبراطوريات، وهدف داعش من هذه الفوضى هو اعادة ترتيب المجتمعات بالشكل الذي يتفق مع منهجها التي تؤمن به وايديولجيتها في الحياة، فالقاعدة تنظر وداعش تطبق عبر عدة مراحل يراها هذا الكتاب وكما يلي:
1- سقوط الانظمة وانتشار الفوضى العارمة.
2-تأجيج التوحش للوصول الى الحكم.
3-تلبية حاجيات الناس من الغذاء والماء والدواء لخلق ذريعه توليهم قامة الحكم الشرعي.
4-عسكرة المجتمع عبر الشروع في تدريب الجميع على القتال.
5-احكام القبض على المجتمعات الاسلامية.
ويسمي الكتاب الجهاد بالغلظة والشدة والارهاب، ويدعو الى التوسع والاغارة على الاعداء لردعهم وسلب اموالهم وتخييرهم بين الاذعان او الموت.
فانطلاقاً من القاعدة الاستراتيجية التقليدية التي تنص على ان اذا اردت الفوز فيجب ان تعرف عدوك( فاذا اردت ان تعرف الشيوعية عليك ان تقرأ كارل ماركس واذا اردت ان تعرف هتلر عليك ان تقرأ كفاحي واذا اردت ان تعرف القاعدة عليك ان تقرأ سيد قطب وعبدالله عزام) لهذا كان لزاما علينا كمراقبين اولاً ونتيجة لما تمر به المنطقة من مراحل يذكرها هذا الكتاب في صفحاته، أن نعمل على تشخيص الحالة التي نحن بها ومن ثم معرفه كيف الانتقال من مرحلة الى اخرى في ظل وجود هذه الافكار المتجذرة في المجتمعات التي عاشت بها وكيفية معالجتها قبل الانتشار او العودة مره اخرى حسب ماورد في هذا الكتاب اذ ممكن خلق صفحة جديدة يمكن العودة بها لممارسة نشاط بوسائل متعددة، بالتالي يجب علينه معرفه وادراك الافكار الموجودة في مجتمعنا ومحاولة التخلص منها عبر خلق بيئة جديدة ترفض وجود مثل هذه الافكار وهذا بالتأكيد لم يتم اذا ما لم نعرف ماهي الافكار المسمومه التي يمكن ان تهدم المجتمع.
فالكتاب يصيغ مراحل يمر بها التنظيم من أجل الوصول الى الغاية المنشودة لافكارة فمن هذه المراحل هي( شوكة النكاية والانهاك، التمكين ،وادارة التوحش)، بمعنى هناك مستويات لتطور هذه الافكار وتطبيقها على ارض الواقع في المناطق اذ ان الكتاب يرفض تسميه دول الا بعد مرحلة التمكين واقامة دولة الاسلام بوجهه نظرهم،فالنظر الى هذه المراحل يمكن القول ان المناطق التي لهم فيها شأن او دور تختلف باختلاف المسميات، ففي العراق وسوريا اعلنوا عن لحظة التمكين وادارة التوحش(اي خلق الفوضى واعادة هيكلة المجتمع حسب افكارهم) اما في المناطق الاخرى مثل الخليج العربي والمغرب ومصر فيمرون بمرحلة الانهاك اي انهاك الجيش والمؤسسات الامنية والنظام ومحاولة زعزعة الاستقرار من اجل ان يقدموا بديل عن ذلك(هذا البديل هو دولتهم المزعومة)
اذن بالتحيليل والاسقاطات السياسية لهذه المفاهيم التي يذكرها الكتاب ويركز عليها الكاتب في اكثر من موضع في الكتاب يمكن القول ان مفهوم الدولة الفاشلة(وهو المصطلح الذي يطلق على مجموعه من الدول وفي مقدمتها الصومال واليمن وسوريا والعراق والقائمة تطول بذكر هذه الدول ستكون مهيئا لنشر هذه الافكار ومحاولة تنميتها وفق حواضن معينه،ومايمكن ملاحظته في هذه الكتاب هو ان ابو بكر ناجي الكاتب يصر ويركز على مسألة التنظيم الجماعي والمنظم على عكس تنظيم القاعدة الذي يمتاز بعمليات مقاومة او عمليات قتالية في مناطق مختلفة ، اذن هناك اختلاف وتطور في الايدلوجيات والافكار يجب الانتباه اليها عند الجماعات المتطرفة والتي سفكت الدماء من اجل اقامة منهجم الظال والمخالف للشريعه الاسلامية التي تمتاز بالوسطية وليس بالتعصب والغلو. من هنا يمكن القول أن التطرف الفكري الديني ظاهرة معقّدة من حيث عوامل إنتاجه ومدخلاته لذلك يجب التركيز البحثي على الجانب الآيديولوجي للمنظمات الإرهابية التي ترفع شعارات دينية يمنح المتتبع صورة تفسيرية عميقة، تكشف الأصول الفكرية والسلوكية للتطرف الديني وقدرته على التحول إلى منظمات وميليشيات مسلحة تمارس الحرب والقتال المتوحّش بمبرّرات دينية.
إن تطوّر الذهنية الآيديولوجية للتطرف، وارتباط ذلك بالممارسة الإرهابية تتداخل فيه عوامل سياسية وسوسيولوجية عدة ومعقدة، في طليعتها البعد الآيديولوجي العقيدي الثقافي. وهذا ما يطرح بشكل جدي سؤالاً جوهريًا يتعلق بصلابة الاستراتيجية الدولية لمحاربة الإرهاب من حيث منطلقاتها أو وسائلها وأهدافها النهائية.بالنسبة إلى مايكل كوبلو، الباحث في الظاهرة الإرهابية، فإن «للآيديولوجية والفكر (الداعشي) روحًا قابلة للعودة إلى الحياة، حتى بعد القضاء عليه». فتنظيم «البغدادي» يتصف بالمرونة، و«ستبقى (آيديولوجية داعش) متربصة في مكان ما حتى تتبناها مجموعة أخرى وتبعثها من جديد.. ولقد يكون ممكنًا إبعاد (داعش) عن المشهد، لكن لا يمكن التخلص من الإطار الأوسع للمشكلة من خلال الضربات الجوية ولا حتى إنزال قوات على الأرض
اذ ان المواجهة يجب ان تقوم على نزع فتيل الأزمة المستحكمة في الجغرافية المنتجة للإرهاب. ومن ثم فإن الحلول السياسية ستبقى أكثر جدوى من المواجهة المسلحة وحدها. وكل من سوريا والعراق بحاجة لنظام سياسي وطني، ومساعدة أممية تحقق مصالحة وعدالة انتقالية حقيقية، وبناء مؤسسات ديمقراطية. ويتم من خلالها حماية حقوق الإنسان، والتعدد الديني والطائفي والمذهبي انسجامًا مع الجغرافية البشرية للمنطقة.ويبدو أن مسارات وملابسات المعركة العسكرية ضد الإرهاب في العراق والأراضي السورية، وتباينات المصالح الاستراتيجية الإقليمية والدولية، تثبت مرة أخرى، أنه من الصعب القضاء على الآيديولوجية الإرهابية بالقوة العسكرية وحدها. وهذا، خاصة، مع تناقضات الجهات المتحالفة القائدة لعملية مواجهة الإرهاب، من جهة؛ وفي ظل غياب استراتيجية أممية إزاء بناء دولة تجمع جميع الأطراف المجتمعية وتضمن حقوقها السياسية، من جهة ثانية. ومهما تعاظمت القوة الحربية للتحالف الدولي المستوردة خارجيًا، فإنها ستعجز عن تصفية «متوالية التطرف» العقدي، القادر على الانتعاش المتجدّد في ظل الأزمات المحلية المعقدة لمنطقة عاجزة عن تقرير مصيرها، ومصير جماعاتها الاجتماعية.وهذه الحقيقة الواقعة اليوم في الشرق الأوسط، كافية لبعث «الروح الجهادية» من تحت رماد الصراعات، وتجنيد جيل جديد من المتطرفين المقاتلين المحليين والعالميين ليبصموا على ميلاد موجة جديدة من الارهاب اذا لم تكت هناك حلول فكرية جذرية لاقتلاع هذا الفكر من جذوره لدى فرد تعرضت منطقته او بيئته لهذا الافعال والافكار الاجرامية.