سوق الاستثمارات باتت كبيرة في إقليم كردستان العراق مؤخرا، لا سيما من قبل الوسط والجنوب العراقي، يضاف إلى ذلك الاستثمارات السورية واللبنانية أيضا، فما السبب الذي يدفع للاستثمار في الإقليم بالذات.
حتى وقت قريب، كان من النادر أن يستثمر سكان الجنوب العراقي في كردستان العراق، فالطبيعي هو استثمار سكان الغربية في الإقليم، لكن الانتقال الكبير لأصحاب رؤوس الأموال من الجنوب نحو كردستان العراق مؤخرا، يفتح الباب على أسباب هذه النقلة.
ففي آخر 3 أشهر باتت مدن إقليم كردستان العراق عامة وأربيل بشكل خاص، وجهة لسكان الجنوب العراقي، لا سيما أبناء محافظة البصرة الواقعة في أقصى جنوبي البلاد، وما يدلل على ذلك، تقرير أممي صدر مؤخرا.
ما علاقة الاستقرار الأمني؟
التقرير الأممي يتوقع أن يهاجر 5 مليون إنسان من الجنوب العراقي إلى إقليم كردستان في السنوات القليلة المقبلة، ومن بين الأسباب التغير المناخي في الجنوب، لا سيما جفاف مياه الأهوار وملوحة مياه “شط العرب”.
فعدم الاستقرار الأمني في الوسط والجنوب، إضافة إلى انتشار الفساد بشكل كبير، وكذلك استفحال السلاح المنفلت، يعرقل استمرار الاستثمار في الجنوب، ويجعل تلك المنطقة بيئة غير صالحة للاستثمار.
في إقليم كردستان الوضع مختلف تماما، استقرار أمني لا مثيل له في كل العراق، وهو ما يشجّع أصحاب رؤوس الأموال إلى الذهاب لإقليم كردستان للاستثمار في أموالهم.
النزاعات العشائرية مشكلة أخرى، والتي باتت تتفاقم أكثر فأكثر مع مرور الأيام في الجنوب العراقي، الأمر الذي يقوّض استقرار الأمن في تلك المنطقة، ويجعل المستثمر هناك يفكر في بيئة آمنة له، وأقرب بيئة له هي كردستان العراق.
إقليم كردستان يحظى بقانون استثمار مغاير ومختلف تماما عن قانون الاستثمار لدى الحكومة المركزية في بغداد، فالأول يوفر تسهيلات تنفيذية كبيرة تُقدّم للمستثمرين الراغبين بالتقدم للفرص الاستثمارية.
في بقية العراق، لا يمكن لأصحاب رؤوس الأموال الاستثمار بأريحية هناك؛ لأن الأحزاب السياسية تعرقل الفرص الاستثمارية، ما لم تحصل على حصص خاصة بها من قِبل المستثمرين، وهو ما يدفع بالمستثمر للهروب من تلك البيئة
غير الجنوب العراقي، ما يلفت الانتباه هو الاستثمار السوري واللبناني في إقليم كردستان بحجم كبير في آخر عامين، خاصة في أربيل عاصمة الإقليم، فما السبب الذي يقف وراء ذلك.
إقليم كردستان يعمل من خلال سياساته إلى تسويق أربيل كمدينة لها ثقل إقليمي اقتصادي وسياسي، وذلك عبر إجراء تسهيلات كبيرة للوافدين ورؤوس الأموال، فضلا عن إقامة أنشطة اقتصادية واجتماعية متنوعة، جميعها مسارات لتحقيق هدف واحد، هو إبراز دور المدينة الإقليمي، وفق نبيل التميمي.
سابقا، استثمر إقليم كردستان بعض الفترات التي شهدت أزمات مختلفة في العراق، خصوصا في فترة سيطرة “داعش” على مدن غرب العراق ما بين عامي 2014 و2017، من أجل احتواء وضم وجذب رؤوس الأموال نحوه.
اليوم يوفر إقليم كردستان، مناخا آمنا لرؤوس الأموال والوافدين على حد سواء من اللبنانيين والسوريين، وذلك عبر إجراء تسهيلات الإقامة وتسهيلات العمل وتسهيلات تتعلق بفتح الأعمال التجارية أمام المستثمرين.
انتشار النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، سبب آخر دفع بأصحاب رؤوس الأموال من السوريين واللبنانيين إلى الاستثمار في إقليم كردستان؛ كونه خارج النفوذ الإيراني، ويتمتع باستقرار أمني، إضافة إلى دعم أميركي، بحسبه.
إقليم كردستان يتفاعل بشكل إيجابي مع الاستثمارات التي تحصل في داخله، بل حكومة الإقليم هي من جعلته بيئة آمنة لكل من يريد الاستثمار من الداخل العراقي ومن خارجه؛ لأنه سيعود عليه بفوائد كبيرة.
الاستثمار في الإقليم يساعد على توفير مزيد من الأموال لكردستان العراق، ويزيد من قوته الاقتصادية، خصوصا وأنه يمر في أزمة متكررة مع بغداد؛ بسبب الاختلاف بخصوص حصته السنوية من الموازنة المالية التي ترسلها الحكومة الاتحادية له، بالتالي فإن الاستثمار في الإقليم، يحد نوعا ما من حاجته لبغداد
الاستثمارات أنعشت الوضع الاقتصادي في كردستان العراق، فأربيل تحاول عبر جهود الاستثمار خلق شراكة حقيقية مع القطاع الخاص.
الاستثمارات دخلت في مجالات الطاقة والنفط والغاز، كما أنها قدّمت عشرات المجمعات السكنية، وساهمت بتوسيع مدن إقليم كردستان وازدهارها، ورفعت الناتج المحلي الإجمالي للإقليم، وفق التميمي.
بالمحصلة، الاستقرار الأمني الذي يفتقده الجنوب العراقي، وتغلغل النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، إضافة إلى الأزمات الداخلية في دمشق وبيروت، كلها عوامل جعلت من كردستان العراق، البيئة الأمثل للاستثمار، واستغلت أربيل ذلك الأمر أفضل استغلال.
٠
الأشخاص الذين تم الوصول إليهم
٠
التفاعلات
–
مجموع نقاط التوزيع
أعجبني
تعليق
مشاركة