#د_عبد_المنعم_الكربولي
إن استغلال الإستثمار الأجنبي أصبح أحد أهم الركائز التقويمية للنمو الأقتصادي للبلاد باعتباره قوة هامة للنهضة الأقتصادية وبات العالم للأقبال المتزايد اليه، فاتجهت الدول النامية الى جذب المزيد منه باتخاذ اساليب مختلفة ، مثل الأتجاه الى اقتصاديات السوق وتحرير الإصلاح الأقتصادي وحتى التكتلات الأقتصادية، وذلك للتأثير الملحوض والمباشر على النمو الأقتصادي من حيث زيادة تراكم رأس المال ونشر المعرفة والتطوير الحضاري الأعماري وتبادل الثقافات ، وبدورها تؤدي الى رفع انتاجية الشركات المحلية والمسابقة للنجاح مما يعزز التطوير بكثير من الأشكال .
لذا اهتمت البلدان النامية بشكل خاص الى البحث في العوامل التي تؤدي الى تدفقات الاستثمار الاجنبي لبلدانها من حيث الاستفادة من المعرفة وانتشار التطور التكنلوجي والنهوض الأقتصادي ، وهذاطبعا يتوقف على الطاقة الأستيعابية للدولة او قدرتها على امتصاص المنافع الناتجة عن هذه الاستثمارات ، ومن المنافع التطور المالي ، والانفتاح التجاري ، ونوعية المؤسسات وغيرها الكثير .
إن مشكلة البلدان النامية ومنها العراق هي رأس المال اللازم لتحقيق اهدافها وامنياتها الأقتصادية والاجتماعية ، وان اعتماد العراق على الموارد النفطية في تأمين موارده المالية ، ليشكل اقتصادية كبيرة على مستوى الآقتصاد الكلي ، وكما هو معلوم فالنفط ماده ناضبه لايمكن الاعتماد عليها للموازنة السنوية في الأمد المتوسط والطويل فضلًا عن تقلب الأسعار في السوق النفط العالمي .
حيث ارتبطت البدايات الاولى للأستثمار الأجنبي في العراق باكتشاف النفط في عام 1927، وكانت رغبة الحكومة في تنفيذ وتطوير مشاريع إنمائية متطورة ، ونظراً لضعف الإمكانيات العراقية حينذاك فقد استعانت بالشركات الأجنبية ، وتعمقت العلاقة بالأستثمار الأجنبي بعد عام 1959، اذ استعان بعدد من الشركات الأجنبية في تنفيذ المشاريع في العراق ، بعد أنشاء مجلس الأعمار بموجب القانون (33) لسنة 1959، حيث أبرم العراق العقود والأتفاقيات مع الكثير من الشركات منها شركة سوسايتي إيوتيم هرسات الفرنسية التي نفذت مشروع الحبانية المتعلقة بخزن مياه الأمطار ، وشركة ايباسكو المسؤولة عن تنفيذ مشروع انابيب الغاز ، وشركة جورج ومبي وكوسترا الايطالية التي نفذت مشروع الأسمدة الطبيعية بإلاضافة الى عدد من الشركات الأجنبية الأخرى .
يرى Bertanrd Raymond على إنها وسيلة تحويل الموارد الحقيقية وروؤس الأمول من دولة إلى أخرى خاصتاً في الحالة الابتدائية عند انشاء المؤسسة .
ويؤكد اغلب الاقتصاديون على ان الأستثمارات الأجنبية يكون تأثيره مباشر على محددات النمو الأقتصادي كأنخفاض تكاليف راس المال ، والمدخرات المحلية ، ونقل التقنيات العلمية الحديثة ، وتطوير الشركات المحلية ، وتنمية القطاع المالي المحلي . ويساهم الاستثمار في زيادة الأنتاج القومي ، لأنه يمثل نوعًا من الإضافة الى الموارد المتاحة وتعظيم الموارد منفعتها ، ويساهم أيضا في زيادة الثروة الوطنية ( تكوين رأس مال ثابت ) سواء كان هذا الاستثمار محليًا أو أجنبيًا ، ويساهم الاستثمار الأجنبي في معالجة مشكلة البطالة من خلال توظيف وتدفق الكثير من الأيدي العاملة وكذلك محاربة الفقر وبعض اشكال التخلف ، فهو احدى الحلول لمعالجة ذلك ، وكذلك يحول لسد فجوة الموارد المحلية في تمويل عملية التنمية وخصوصًا في البلدان التي تعاني من نقص الموارد المالية .
يوصف الاستثمار وخاصة الاستثمار الأجنبي بانه قناة نقل التطور التكنلوجي فالمنافع التي تحصل عليها البلد المضيفة تتمثل بأثر الانتشار التكنلوجي واساليب الإدارة الحديثة على نطاق واسع وخلق فرصة التنافس بين الشركات المحلية والأجنبية او قيام الشركات الأجنبية بتدريب وتطوير الملاكات المحلية ، ومن هنا تبداء البلد بالرفاهية الاقتصادية لما يحقق من زيادة في متوسط دخل الأفراد ، وزيادة في اجمالي الناتج المحلي والدخل القومي .
ويعد موضوع النمو الاقتصادي من أهم الموضوعات التى تناولتها البلدان خلال منتصف القرن الماضي وسخرت الإمكانيات المتاحة وغير المتاحة فمنها ذهبت للتكتلات المشروعة وغير المشروعة للتطوير والسيطرة على فرصة النهضة الاقتصادية دون الاخرى وباتت المعاهدات والاتفاقيات تتوالى للمصالح التنافسية ، واعتبرو ان هذه النهضة الاقتصادية هي عملية تحول اقتصادي واجتماعي وسياسي معقدة ، وأكدو خلال نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي ماهو الا تصحيح للسياسات الوطنية ، ورغم الصراعات الاقتصادية التي مرت بيها بلدان الدول النامية فهناك فارق ملحوض وعظيم بدت عليها كل بلد سعى للنمو الاقتصادي وخاصتاً منها التي تدفقت لها الاستثمارات الأجنبية ، ولو نظرنا الى افضل التطورات الموجودة في بعض البلدان ومنها العراق لوجدنا بصمة الاستثمار الاجنبي قد نُقشت عليها بشكل كبير واحدثت فارق بين المتميزين للنمو الاقتصادي ، الا ان درجة أثر الاستثمار الاجنبي على النمو الاقتصادي يختلف من دولة الى اخرى فيكون إيجابيًا في دولة ما وسلبيًا في دولة اخرى ويتوقف ذلك على خصائص الدولة المضيفة وسياستها المتبعة ، والتي تعد من اهم المحددات لقيمة الفوائد من الاستثمار الاجنبي.
واكد الاقتصاديون على فرضية رئيسية مفادها أن الاستثمارات الاجنبية لها دور مهم وايجابي في تحديد مسارات النمو الاقتصادي .
ورغم الاستغلال لهذا الجانب من التطور للنمو الاقتصادي (الاستثمار الاجنبي ) في البلاد أما ولكن مازال النقص الكبير في مصادر التمويل الداخلي التي تفرض الحاجة الى تدفقات الاستثمار الاجنبي بشكل اكبر ومتعدد على الصعيد الاقتصادي ، وعلى هذا النحو لابد من التعامل مع هذه المسالة بشكل اكثر جدية والتعامل بإيجابياتها وسلبياتها ، في ضل الأهمية القصوى التي اصبح يحظى بيها الاستثمار الاجنبي لما يلعبه من دور تحفيزي للنمو الاقتصادي في الدول المضيفة ، مع وجود التنافس المختلف بين الدول وخاصة الدول النامية وجذب المزيد منها عن طريق اتخاذ اساليب مختلفة تتوافق وتتناسق مع هذا الاتجاه ، وعلى الرغم من اهتمام العراق بتوفير العوامل المشجعة لهذا الاتجاه كأصدار قانون استثمار رقم 16 لسنة 2006 ، ألا ان حجم التدفقات الاستثمارية لايزال دون المستوى المطلوب وفي مستويات ضعيفة لايغطي مستوى الطموح الاقتصادي لهذا البلد ، وبالارتباط مع النتائج التي توصلت اليها المنظمات الدولية والهيئات والعديد من الدراسات الاقتصادية بتحليل الخلل بين توفر عوامل جذب هذه الاستثمارات وضعف جذبها ، التي اوضحت ان هناك عوامل اصبحت ذات اهمية بالغة في التأثير المباشر على جذب الاستثمار ، وهي مرتبطة بالاستقرار السياسي والأمني من جانب ، ونوعية الاجراءات التنظيمية والقانونية في التقليل في الممارسات المرتبطة بالفساد من جانب اخر .
ونظرًا لأهمية الاستثمارات الاجنبية في عملية النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية بطريقة مباشرة عن طريق زيادة تراكم رأس المال ، أو بشكلية الطرق الثانوية من نقل تقنيات وفنون الانتاج ، وطرق التنظيم ، والإدارة والتسويق ، ونقل التكنلوجيا المتطورة ، بالاضافة الى امكانية تدريب الكوادر الوطنية ومهارات الانتاج المتقدم ، وتطوير البنيان الاقتصادي وتنويعه ومعالجة البطالة ومكافحة الفقر ، وبالتالي تحسن اداء الاقتصاد الوطني والعمل على زيادة النمو الاقتصادي.
ومن أجل الوصول إلى مستوى الطموح لهذا البلد في النمو الاقتصادي نلتمس الى صانعي القرار في العراق بفسح المجال للاستثمار الاجنبي من خلال العمل بمبدأ الشفافية والقضاء على الروتين ومحاربة الفساد الاداري والمالي ، والعمل على انشاء قطاع مصرفي متطور يواكب التطور في العالم الخارجي ، ومكافحة التضخم من خلال السياسات المالية والنقدية كي يشعر المستثمر الاجنبي بوحود مايؤمن على امواله وارباحه ، مما يوفر بيئة عملية اقتصادية ملائمة لاتخاذ قرار الأستثمار