#كفاية_أولير
#مؤسسة_رؤى_للدراسات_والأبحاث
“هل وصلنا إلى نهاية حقبة، حيث يتباطأ النمو العالمي وتؤثر أزمة كلفة المعيشة على الأسر؟” هذا هو كان السؤال الرئيس في جلسة التوقعات الاقتصادية العالمية، الجلسة الرئيسة لليوم الختامي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية.
قالت المدير العام لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، إن الوضع الاقتصادي “أقل سوءاً مما كنا نخشى”، لكنها لمحت إلى أن الصندوق قد يرفع توقعاته الاقتصادية لهذا العام.
وترى جورجيفا أن هناك عدة أسباب للتفاؤل، أولاً بدأ التضخم في الانخفاض (التضخم الرئيس على وجه الخصوص)، ثانياً، تحسنت قدرة الصين على تعزيز النمو. وأشارت إلى نمو الاقتصاد الصيني العام الماضي بشكل أبطأ من المتوسط العالمي للمرة الأولى منذ عقود، ولكن مع إعادة فتح الصين، “نتوقع الآن أن يتجاوز نموها المتوسط العالمي”.
ويتوقع الصندوق أن يتوسع الاقتصاد العالمي بنسبة 2.7 في المئة هذا العام، على رغم أن هذا قد يتم تصحيحه في غضون يومين، مشيرة إلى إمكانية نمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.4 في المئة، وثالثاً ترى جورجيفا أن قوة أسواق العمل أدت إلى استمرار المستهلكين في الإنفاق ودعم النمو الاقتصادي.
لكن جورجيفا اعترفت بأن النمو الاقتصادي العالمي بنسبة 2.7 في المئة ليس رائعاً، حيث سيكون أحد أسوأ الأداءات منذ سنوات، باستثناء حقبة ما بعد الأزمة المالية لعام 2008 والوباء، على حد قولها.
وأشارت جورجيفا إلى أن صندوق النقد الدولي قد خفض توقعاته للنمو ثلاث مرات متتالية، لذا فإن عدم القيام بخفض التصنيف مرة أخرى هو تقدم، على حد قولها.
وأضافت “إذا قام الصندوق بتعديل توقعاته إلى أعلى، فإنها لا تتوقع تحسناً كبيراً في النمو البالغ 2.7 في المئة المتوقع حالياً في عام 2023”.
وتشير جورجيفا إلى أن الإنفاق الاستهلاكي قد يضعف إذا أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى ارتفاع معدلات البطالة، منوهة إلى أن وجود أزمة كلفة المعيشة مع وظائف، مختلفة تماماً عن أزمة غلاء المعيشة من دون وظائف.
وقالت جورجيفا، إن هناك عدة تساؤلات تدعو للحذر، أولاً نحن لا نعرف كيف سيتجه التضخم “نحو الأسفل؟” ثانياً، ماذا لو كان النمو السريع للصين يعني ارتفاع أسعار النفط والغاز، ما يؤدي إلى ارتفاع التضخم؟ وثالثاً، ترى المديرة العامة للصندوق أن حرب أوكرانيا تشكل خطراً هائلاً على الثقة، لا سيما في أوروبا، فماذا لو استمرت؟
وحذرت جورجيفا قائلة “لا ينبغي أن ننجرف”، مؤكدة أنه ينبغي ألا نتحول من “التشاؤم المفرط إلى التفاؤل المفرط”.
كما حذرت من أن الإنفاق الحكومي المتزايد لدعم الاستثمار الخاص في التكنولوجيا الخضراء قد لا يخدم الأسواق الناشئة. مضيفة بالقول “إذا أخذت هذه التقنيات إلى الأسواق الناشئة، وإذا كان هذا جزءاً من خطتك، فسننجح”. أضافت “كلنا ننتهي”، إذا حاولنا تنظيف الأسواق المتقدمة ونسيان العالم النامي.
مسار مكافحة التضخم
قالت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي، إن مؤسستها “ستواصل المسار” في مكافحة التضخم وحذرت وزارات المالية في أوروبا من جعل المعركة أكثر صعوبة عن طريق خفض الضرائب أو زيادة الإنفاق لمواجهة تباطؤ النمو.
وأضافت لاغارد قائلة “سنفعل ما هو ضروري، فنحن لا نريد أن ندفع للقيام بأكثر من اللازم”.
ودعت رئيسة “المركزي الأوروبي” إلى ضرورة تجنب حروب الدعم على التكنولوجيا الخضراء، وأخبرت لاغارد المنتدى الاقتصادي العالمي أنها تأمل ألا يكون سباق الدعم الجاري في مجال التكنولوجيا الخضراء “سباقاً نحو القاع”.
واستشهدت لاغارد بالخلاف طويل الأمد بين الولايات المتحدة وأوروبا في شأن “إيرباص” و”بوينغ”، الذي أدى إلى 20 عاماً من حروب الدعم قبل الاتفاق على “وقف إطلاق النار” بينهما في عام 2021، في وصفها للنزاع بين عملاقي صناعة الطيران.
اللافت في حديث لاغارد في دافوس نبرتها المتفائلة رغم حديثها المتشدد، أمس، عن استمرار ” المركزي الأوروبي” في رفع الفائدة للجم التضخم، حيث قالت أمام ضيوف دافوس “يجب أن يتحسن الوضع حيث سمعت كثيراً من الاقتصاديين البارزين يقولون إن الوضع ليس بالسوء الذي كان يخشى”، وهو ما رددته لاغارد أمام حلقة النقاش.
وأشارت أيضاً إلى انتقال الشركات من “وضع الدفاع” إلى “وضع المنافسة” قائلة “لا بد أن شيئاً ما يتحسن بشكل أفضل مما كنا نظن”.
وتقول لاغارد، إن عام 2022 كان عاماً غريباً جداً، مشيرة إلى أن نمو الولايات المتحدة كان أبطأ من الصين أو أوروبا.
وتقول لاغارد، إن شعار سياستها النقدية هو “البقاء على المسار”، معالجة المخاوف من توقف محافظي البنوك المركزية عن مكافحة التضخم في وقت قريب جداً.
التشرذم الخطر الأكبر
من جانبه، قال وزير المالية الفرنسي برونو لو مير لدافوس، إن أوروبا أظهرت قوة ووحدة في حرب أوكرانيا أكثر مما توقع فلاديمير بوتين. أضاف لو مير “بدلاً من أن نكون منقسمين وضعفاء، فقد كنا موحدين وأقوياء”.
وقال لومير “على مدى السنوات الثلاث الماضية، دخلنا حقبة جديدة من العولمة التي تحركها السوق وتحركها القوة السياسية”.
ويرى لو مير أن الاقتصاد العالمي يجب أن يتجنب التشرذم والحروب التجارية، مما يعني مشاركة جميع البلدان بما في ذلك الصين، قائلاً “لا يمكن أن تخرج الصين من العولمة، لكن يجب أن يكون ذلك على قدم المساواة، مع وصول عادل إلى الأسواق”.
يقول لو مير، إنه لأمر جيد أن يقرر الرئيس بايدن تسريع الدفع نحو التكنولوجيا الخضراء ومحاربة تغير المناخ، وينبغي على أوروبا أن تفعل الشيء نفسه، يتعين على أوروبا تسريع برنامج الدعم الخاص بها، والتركيز على قطاعات أوروبية محددة تريد دعمها”.
وتساءل قائلاً “هل نريد شراء سلع أجنبية أو استثمار أموال – في الهيدروجين وأشباه الموصلات والألواح الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة؟ من شأن ذلك أن يجعل أوروبا أكثر استقلالية، بدلاً من الاعتماد على الموردين الخارجيين، في مكافحة تغير المناخ”.
من جانبه قال محافظ بنك اليابان هاروهيكو كورودا لدافوس، إن البنك المركزي الياباني سيواصل سياسته النقدية “التيسيرية للغاية” الحالية لتحقيق هدف التضخم البالغ اثنين في المئة بطريقة مستقرة ومستدامة.
وأعرب كورودا عن أمله في أن تبدأ الأجور في الارتفاع، مما قد يسهم في تحقيق هدف التضخم البالغ اثنين في المئة بطريقة مستقرة ومستدامة، لكن قال “علينا الانتظار”
كان التضخم الياباني قد سجل أعلى مستوى له في أربعة عقود عند أربعة في المئة الشهر الماضي.