#مؤسسة_رؤى_للدراسات
#عن_جامعة_لينكوبنغ
رجّح فريق علمي دولي أن تكون التغيرات المناخية قد لعبت دورا أساسيا في ازدهار واندثار حضارات قديمة بمنطقة الشرق الأوسط، وهي النتيجة التي تم التوصل إليها من خلال دراستهم لتاريخ مجتمعات وإمبراطوريات فارسية قديمة تزامن صعودها وسقوطها مع وقوع تقلبات مناخية صعبة.
وحسب بيان صحفي صادر عن جامعة “لينكوبنغ” السويدية (Linkoping University) يوم 18 يناير/كانون الثاني الجاري، فإن قيام الدول والحضارات القديمة كان له ارتباط وثيق بالمناخ وتغيراته السلبية كالجفاف، والعكس صحيح، وهو العامل الذي أهمله الكثير من المؤرخين وعلماء الآثار في فهم وتفسير ظهور الحضارات واختفائها.
منطقة كونار ساندال بإيران تكشف أسرارا تاريخية
تشير الدراسة التي قام بها علماء من عدة جامعات بينها جامعة لينكوبنغ، ومعهد بحوث علوم الأرض بإيران، وجامعة مرسيليا الفرنسية، وجامعة طهران ومعهد ماكس بلانك بألمانيا، والتي تم نشرها في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي بدورية “كواتيرناري ساينس ريفيوز” (Quaternary Science Reviews) إلى أن إيران التي بها اليوم مناطق صحراوية عرفت قبل آلاف السنين فترات متواترة من الجفاف والرطوبة.
وقال المشرف على الدراسة جويانتو روث، وهو أستاذ بجامعة لينكوبنغ، في البيان الصحفي “قبل 4200 عام كانت هناك مجتمعات متقدمة جدا تعيش بمنطقة كونار ساندال (Konar Sandal) القريبة من منطقة وادي جيروفت (Jiroft Valley)، وقد بدأنا في البحث عن الأسباب التي كانت وراء انهيار هذا المجتمع المتقدم”.
من أجل ذلك حلل الباحثون بقايا نباتات متحللة في أعماق التربة يعود عمرها إلى آلاف السنين باستخدام تقنيات علمية متقدمة مكّنتهم من تحديد الأنواع الزراعية التي كانت تُنتجها مجتمعات كونار ساندال، كما حددوا هوية الحيوانات التي كانت تعيش في المنطقة، ثم قارنوا كل ذلك بالمعلومات التاريخية المتوفرة حول هذا المجتمع.
وقد تمكن العلماء من معرفة الفترات التي كانت فيها المنطقة رطبة وعرفت ازدهارا في القطاع الفلاحي، ومتى تحول سكانها إلى الاعتماد على الرعي في فترات الجفاف. وقد وجد العلماء أن اندثار هذه المجتمعات تزامن مع وقوع فترات جفاف طويلة أدت إلى تراجع المحاصيل الزراعية بصورة لم يعد ممكنا معها للسكان المقاومة والبقاء.
كيف صعدت الإمبراطورية الأخمينية والساسانية؟
بعد سقوط مجتمعات كونار ساندال المتقدمة بحوالي 600 سنة، عرفت إيران صعود إمبراطوريات قوية نمت وازدهرت في فترة كان المناخ فيها رطبا طوال عشرات السنين، وهو ما أدى إلى ازدهار القطاع الزراعي وباقي فروعه.
وأشارت الدراسة إلى أن الإمبراطورية الساسانية التي استمرت من 651 إلى 224 سنة قبل الميلاد، والإمبراطورية الأخمينية التي استمرت من 550 إلى 330 سنة قبل الميلاد ازدهرتا في هذه الفترة التي كانت فيها المنطقة رطبة.
وقال جويانتو في البيان الصحفي “المناخ كان دائما يلعب دورا أساسيا في منطقة الشرق الأوسط. وعلماء الآثار كانوا دائما يقولون إن سقوط هذه الإمبراطوريات كان لأسباب سياسية أو بسبب انتشار الأوبئة، لكنهم أهملوا عامل المناخ الذي أسهم في اختفاء الكثير من الإمبراطوريات القديمة.
ويضيف جويانتو “نحن لا نقول إن كلام علماء الآثار غير صحيح، لكننا نؤكد ضرورة إدراج عامل المناخ في المعادلة عند دراسة أسباب صعود وسقوط الإمبراطوريات والمجتمعات القديمة”.