#عن_مركز_نيتشر_العلمي
#مؤسسة_رؤى_للدراسات_والأبحاث
#مستقبل_برؤية_مستدامة
لطالما استحوذ الكربون بأشكاله الكثيرة على اهتمام المجتمع العلمي، فإلى جانب كونه المكون الأساسي لجميع أشكال الحياة العضوية على الأرض، اكتسبت الأشكال الأخرى للكربون نصيبها العادل من الإنجازات، ومن بين تلك الأشكال الجديدة التي توصل إليها العلماء مادة “الغرافوليرين”.
تحدثت دراسة -نشرت في “نيتشر” (Nature) في الرابع من يناير/كانون الثاني الجاري- عن الاكتشاف الذي توصل إليه فريق بحثي من “جامعة كولومبيا” (Columbia University) وباحثون آخرون، إذ ابتكروا نسخة جديدة من الكربون يشار إليها بـ”الغرافوليرين” (Graphullerene)، يمكن وصفها بأنها مادة تتدرج في تركيبها وخواصها بين مادتي “الفوليرين” (Fullerene) و”الغرافين” (Graphene).
الفوليرين عبارة عن هيكل مُتماثل من الجزيئات تشبه كرة القدم، وتسمى أحيانا كرات بوكي Commonwealth Scientific and Industrial Research Organisation (CSIRO) هيئة البحوث الأسترالية
#الغرافين_والفوليرين
يمكننا تخيل تركيب الغرافوليرين إذا ما نظرنا إلى تركيبي الفوليرين والغرافين؛ إذ إن الفوليرين عبارة عن هيكل متماثل من الجزيئات التي تتكون بالكامل من ذرة كربون على شكل كرة مجوفة أقرب في شكلها إلى كرة القدم، وتسمى أحيانا “كرات بوكي” (Bucky Balls).
أما الغرافين، فهو أيضا مادة ثنائية الأبعاد ويعتبر أرق وأقوى مادة معروفة حتى الآن، ويذكر أن متانته تفوق حتى الألماس، ويتميز “الغرافين” بقدرة توصيل كهربي وحراري تجعله أفضل موصل حراري على الإطلاق.
وبالحديث عن الغرافوليرين، الشكل الجديد ثنائي الأبعاد من الكربون الذي يعد “ابن عم” مادتي الغرافين والفوليرين، فنجده يتألف من طبقات من الفوليرينات المتصلة ببعضها بعضا، تم كشطها إلى صفائح دقيقة فائقة الرقة من كريستالة الغرافوليريت، تماما كما يحدث في كشط الغرافين من كريستالات الغرافيت.
في مقابلة نشرت على موقع جامعة كولومبيا للباحثة الأولى في الدراسة إيلينا ميرزاده، قالت إن “الذرات الخارقة عبارة عن جزيئات كبيرة تتكون من عديد الذرات. الأنواع الأخرى من الجزيئات لها خصائص تختلف باختلاف الموضع في الجزيء، غير أن ما نتحدث عنه هنا -أي الذرات الخارقة- تعمل بشكل ما كوحدة متناغمة وكأنها ذرة واحدة ضخمة، بيد أن خصائصها يمكن أن تختلف عن العناصر الأساسية المكونة لها أيضا”.
وتضيف ميرزاده أن “الغرافوليرين -وهو التركيب الكربوني الجديد الذي صنعناه- يتكون من لبنات بناء فوق ذرية، غير أنه أيضا ذو طبقات رقيقة. هذا مبهر، فالآن يمكننا تقشير الكريستالات إلى صفائح رقيقة ثنائية الأبعاد بشكل مثير للاهتمام، وهذا لا يمكن فعله مع الأنواع الأخرى من الكريستالات الجزيئية”.
إن المثير في المواد ثنائية الأبعاد هو إمكانية دراسة واستكشاف الخصائص الكمومية، مثل التوصيل الكهربي، والمغناطيسية، والتوصيل الفائق، ودراسة ما يحدث عند الطور ثنائي الأبعاد أو عندما تتراكب طبقات ذرية مختلفة بطرق عدة.
وحسب ما جاء في البيان الصحفي المنشور على موقع “فيز دوت أورغ” (Phys.org)، فإن المادة الجديدة أثبتت فور توصيفها واختبارها خواص رائعة تعادل خواص الغرافين بينما تفوقت في بعضها حتى على الفوليرين.
وقد كشفت مجموعة الاختبارات عن عدد من الخواص الكهربية والبصرية والحرارية المثيرة للاهتمام؛ فمثل الغرافين، يمكن للغرافولرين أن يحبس الضوء ويستقطبه، إضافة إلى كونه مادة مُستقبلة للإلكترونات تمكنه من تكوين تركيبات متناغمة من “الشبكات الفائقة” (superlattice).
وبالمقارنة مع الفوليرينات، تبين أن كريستالات الغرافوليريت لديها قدرة توصيلية حرارية أعلى بكثير، نتيجة للروابط التساهمية القوية داخل كل رقاقة من الغرافوليرين. وتساعد التوصيلية الحرارية على تبديد الحرارة، وهو اعتبار مهم عند تصميم الأجهزة بشكل عام.
كل هذه الخصائص تجعل الغرافوليرين مادة واعدة لها تطبيقات ممكنة في أنواع جديدة من الأجهزة البصرية والإلكترونية أيضا، مثل البطاريات والرقائق المدمجة.
بينما ينظر الباحثون المتعاونون من كثب إلى ما يحدث عندما يتم دمج صفائح الغرافوليرين مع أنواع أخرى من المواد ثنائية الأبعاد التي تمت دراستها في جامعة كولومبيا، لمعرفة الأسرار التي ربما ما زال يخفيها الكربون.
يذكر أن جائزة نوبل في الفيزياء عام 2010 كانت من نصيب قسطنطين نوفوسيلوف وأندريه غيم عن تجاربهم الرائدة بخصوص مادة الغرافين ثنائية الأبعاد. ولا يمكن أن ننسى أن جائزة نوبل في الكيمياء عام 1996 ذهبت لمكتشفي الفوليرين، روبرت كيرل جونيور والسير هارولد دبليو كروتو وريتشارد سمالي.
فهل يمكن أن تلوح نوبل جديدة في الأفق للفريق الذي توصل إلى هذا الاكتشاف؟