#د_معتز_النجم
#مؤسسة_رؤى_للدراسات
تسعى الوحدات الدولية في تشكيل أسس سياساتها الخارجية إلى حماية مصالحها وتعظيمها، والدفاع عنها تحت اي ظرف ما، مستندة في ذلك إلى قدراتها على استخدام امكانياتها وتفعيل دورها من خلال الاستثمار الامثل لكل مواردها الاقتصادية والسياسية وحتى الفكرية، وعادة ً ما تأخذ مؤسسات صنع القرار عند رسم السياسة الخارجية جميع العوامل المؤثرة داخلياً وخارجياً، بما يضمن نجاح هذه السياسة في تحقيق المصالح عند ممارستها واقعياً. وهذا بدوره يجعلنا لا نغفل أن السياسة المعلنة للدول تختلف في كثير من الأحيان عما تمارسه فعلياً على أرض الواقع، وهنا تطهر فليفح نوايا الدول التي يجب ان تدرس ضمن حقل الدراسات الاستشرافية،وعليه هنا من المهم التفريق بين ما تعلنه الدول من أهداف لسياساتها الخارجية وبين سلوكها وممارساتها على الصعيد الخارجي، فتناقضات الواقع وتزاحم المصالح بين الدول تجعلها في عملية ترجيح بين المعلن والواقع.
وعند التطرق لمصطلحات مثل “الايديلوجية و”المصالح “في سياق السياسة الخارجية، من المهم الاشارة الى هذه الجدلية في العلاقة فيما بينهم ،اذ
ألقى الصراع بين إيران والمملكة العربية السعودية بظلاله القائمة على معظم الصراعات في الشرق الأوسط، مما جعل السلام والاستقرار في المنطقة حلماً بعيد المنال ما لم تُبذل مساعي وجهود حثيثة لإنهاء هذا الصراع بشكل مناسب. ومع ذلك، تكمن مشكلة هذا الصراع في هيكله الفوضوي” مما يمثل تحدياً هائلاً لإنهائه على النحو المنشود إنه صراع فوضوي يتغذى احيانا بالايدلوجيات المتناقضة واحيانا بالمذهبية واحياناً اخرى بالزعامة الاسلامية ،حيث أن قضاياه غير واضحة ناهيك عن عدم وضوح هوية ومعالم الأطراف التي تخوض الصراع وغياب القواعد التي ينبغي أن تنظم الصراع. وللتغلب على هذا التحدي، يجب تحري الوضوح والشفافية في التعامل مع المسائل ذات الصلة وأجوه الخلاف المشتركة بين الجانبين وإنشاء نظام إدارة ملائم يجعل التسوية ممكنة وهدفًا واقعيًا لتحقيقه.
هذا مايجعل النظامان السعودي والإيراني في حالة إنكار لتحديد جذور ومنابع النزاع القائم بينهما بدقة. بينما تدعي السعودية أن الطائفية هي العامل الرئيسي ، تروج إيران لأسباب الصراع المتعلقة بالحفاظ على أمنها الوطني والإقليمي. ومع ذلك، فإن ما يرفض الطرفان الاعتراف به هو أن هذا الصراع يتمحور حول بقاء النظام والشرعية ورغبة حكومة الدولتان في الاضطلاع بالدور الريادي في المنطقة. ولكن بعد حدوث قناعه في مدرك كلا الدولتين وتمحور مفهوم الواقعية السياسية التي تبنى على اساس المصالح الوطنية للدولة بمختلف ابعادها السياسية والاقتصادية والفكرية جاءت الصين ذات الايدلوجية الاشتراكية راعية ومهندسة اتفاق بين دولتين على طرفي نقيض في ايدلوجياتهم سواء في المذهب الشيعي أو المذهب السلفي وجمعهتم الايديلوجية الاشتراكية والتي تعتبر متناقضة مع الايديلوجية الاسلامية.
بالتالي بدأت المصالح هي المحرك الاساسي والراعي لهذه الدول والتي اسرفت دهراً طويلاً في تعبئية جماهيرها وشعوبها ومحاولة كسب الشرعية من قبل شعوبها باعتمادها على الايديلوجية والتغذية الدينية والمذهبية لهذه الدول، اذن المصالح هي التي تعدت الايديلوجيات واصبحت هي الركن الاساسي في تعبئة الجماهير وكسب رضاها.