#مؤسسة_رؤى_للدراسات
قالت وزارة الخارجية السعودية إن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره السوري فيصل المقداد رحبا ببدء إجراءات استئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية.
وأضافت الوزارة، نقلاً عن بيان مشترك صدر في ختام زيارة وزير الخارجية السوري إلى الرياض، أنه عقدت جلسة مباحثات بين الجانبين، جرى خلالها مناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سوريا، وأمنها، واستقرارها، وهويتها العربية، وسلامة أراضيها، بما يحقق الخير لشعبها الشقيق.
واتفق الجانبان على أهمية حل الصعوبات الإنسانية، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات لجميع المناطق في سوريا، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم، واتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السورية.
وأكد الجانبان على أهمية تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وتنظيماته، وتعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات والاتجار بها، وعلى ضرورة دعم مؤسسات الدولة السورية، لبسط سيطرتها على أراضيها لإنهاء وجود الميليشيات المسلحة فيها، والتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري.
كما بحث الجانبان الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها، وتحقق المصالحة الوطنية، وتسهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي.
خطوة جديدة
في خطوة مهمة نحو استعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض ودمشق، وصل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم الأربعاء إلى مدينة جدة في أول زيارة رسمية إلى السعودية بعد قطيعة بين الدولتين وقعت بداية النزاع في سوريا، وفق ما أفادت وكالتا الأنباء السعودية والسورية.
وتأتي زيارة المقداد قبيل اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي يشارك فيه أيضاً كل من الأردن ومصر والعراق الجمعة المقبل في جدة لبحث عودة سوريا لجامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها منذ عام 2012.
وكانت الرياض أعلنت الشهر الماضي أنها تجري محادثات مع دمشق تتعلق باستئناف الخدمات القنصلية بين البلدين.
وأوردت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن نائب وزير الخارجية وليد الخريجي استقبل المقداد “لدى وصوله إلى مطار الملك عبدالعزيز في محافظة جدة”.
ويزور المقداد السعودية في إطار دعوة من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وفق “واس”.
والهدف من الدعوة بحسب المصدر ذاته “عقد جلسة محادثات تتناول الجهود المبذولة للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين لوطنهم، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة في سوريا”.
من جهتها أوردت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أن المقداد وصل إلى جدة “لإجراء محادثات حول العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين والقضايا ذات الاهتمام المشترك”.
وإثر اندلاع النزاع عام 2011 قطعت دول عربية عدة وعلى رأسها السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، كما علقت جامعة الدول العربية عضوية دمشق.
وقدمت السعودية التي أغلقت سفارتها في دمشق في مارس (آذار) 2012، خلال سنوات النزاع الأولى دعماً للمعارضة السورية كما استقبلت شخصيات منها على أراضيها، لكن خلال السنوات القليلة الماضية برزت مؤشرات انفتاح عربي تجاه سوريا بدأت مع إعادة فتح الإمارات سفارتها في دمشق عام 2018.
ومنذ وقوع الزلزال المدمر في سوريا وتركيا المجاورة في فبراير (شباط) الماضي، تلقى رئيس النظام السوري بشار الأسد سيل اتصالات ومساعدات من قادة دول عربية في تضامن يبدو أنه سرع عملية استئناف علاقاته مع محيطه الإقليمي، وبرز ذلك بشكل خاص في هبوط طائرات مساعدات سعودية في مناطق سيطرة الحكومة، هي الأولى منذ قطع الرياض علاقاتها مع دمشق.
وفي مقابلة مع قناة روسيا اليوم الشهر الماضي قال الأسد إن “السياسة السعودية أخذت منحى مختلفاً تجاه سوريا منذ سنوات، وهي لم تكن في صدد التدخل في الشؤون الداخلية أو دعم أي فصائل في سوريا”.
ويأتي التقارب السعودي – السوري في وقت تتغير فيه الخريطة السياسية في المنطقة بعد الاتفاق السعودي – الإيراني من جهة، وانفتاح تركيا أيضاً تجاه دمشق من جهة ثانية.
اجتماع جدة
وأعلنت الدوحة أمس الثلاثاء أنها تلقت دعوة من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي إلى حضور اجتماع يعقد الجمعة المقبل في مدينة جدة لتبادل وجهات النظر حول إمكان عودة سوريا لجامعة الدول العربية.
وقال متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري خلال إيجاز صحافي في مقر الوزارة بالدوحة، إن “الهدف الأساس من هذا الاجتماع التشاوري الذي تشارك فيه دول الخليج، إضافة إلى مصر والأردن والعراق، هو التباحث حول الوضع في سوريا”، مشيراً إلى أن “هناك تطورات كثيرة في ما يتعلق بالوضع في سوريا وفي وجهات النظر العربية تجاه عودتها لجامعة الدول العربية”.
كسر العزلة
وخلال الشهرين الماضيين زار بشار الأسد سلطنة عمان ودولة الإمارات في أول زيارة لبلدين عربيين منذ اندلاع النزاع السوري عام 2011، في ظل مساعٍ إقليمية إلى عودة سوريا للحاضنة العربية.
وتجري السعودية وسوريا محادثات تتعلق باستئناف الخدمات القنصلية بعد قطيعة استمرت سنوات نتيجة إغلاق الرياض سفارتها في دمشق على خلفية موقفها المناهض للنظام، بحسب ما أفاد مسؤول في وزارة الخارجية السعودية أخيراً.
وعلى إثر اندلاع الأزمة السورية قطعت دول خليجية وعربية عدة علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري وأغلقت سفاراتها في دمشق، كما علقت جامعة الدول العربية عضويتها.
وأكد الأنصاري مشاركة رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في الاجتماع، بينما لم تؤكد الأمانة العامة لمجلس التعاون بعد تنظيمها الاجتماع.
وأوضح الأنصاري أنه وجهت دعوة إلى العراق والأردن ومصر لأنها “دول معنية في هذا الشأن”، لافتاً إلى أن الموقف القطري “لم يتغير”، ومؤكداً أن أي تغيير في الموقف من سوريا “مرتبط أساساً بالإجماع العربي وبتغير ميداني يحقق تطلعات الشعب السوري”.
من جهته قال متحدث وزارة الخارجية العراقية لوكالة الصحافة الفرنسية إن مسألة مشاركة بغداد في الاجتماع “قيد الدرس حالياً”.
حضور الأسد
وفي الثاني من أبريل (نيسان) الحالي نقلت “رويترز” عن ثلاثة مصادر مطلعة أن السعودية تعتزم دعوة بشار الأسد إلى حضور القمة العربية التي تستضيفها الرياض خلال مايو (أيار) المقبل، وهي خطوة من شأنها إنهاء عزلة سوريا الإقليمية رسمياً.
وذكر مصدران أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان سيتوجه إلى دمشق خلال الأسابيع المقبلة لتسليم الأسد دعوة رسمية لحضور القمة المقرر عقدها في الـ 19 من مايو المقبل.
وذكر المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية جمال رشدي أن الجامعة ليست مطلعة على كل خطوة على المستوى الثنائي بين الدول العربية، مضيفاً أنه “لا يفترض أن يجري إبلاغنا مسبقاً بالزيارة المفترضة”.
ويمثل حضور الأسد القمة العربية أهم تطور في مساعي إنهاء العزلة المفروضة عليه من العالم العربي منذ عام 2011 حينما علقت الجامعة العربية عضوية سوريا.
وكانت دول غربية وعربية عدة قاطعت الأسد بسبب حملته الوحشية على الاحتجاجات مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية طويلة.
وستكون عودة سوريا للجامعة التي تضم في عضويتها 22 دولة بمثابة خطوة رمزية إلى حد كبير، لكنها تعكس تغييراً في النهج الإقليمي تجاه الصراع السوري الذي لقي مئات الآلاف حتفهم فيه وأنتج حرباً استقطبت عدداً من القوى الأجنبية وقسمت البلاد.
استئناف الخدمات القنصلية
وفي الـ 24 مارس الماضي وبعد أعوام من القطيعة نتيجة إغلاق الرياض سفارتها في دمشق، قال التلفزيون السعودي الرسمي إن الرياض “تجري محادثات مع سوريا لاستئناف تقديم الخدمات القنصلية”، ونقلت قناة “الإخبارية” الحكومية عن مسؤول في وزارة الخارجية السعودية قوله إنه “في إطار حرص السعودية على تسهيل تقديم الخدمات القنصلية الضرورية للشعبين، فإن المحادثات تجري بين مسؤولين في الرياض ونظرائهم في دمشق لاستئناف تقديم الخدمات القنصلية”.
وكانت ثلاثة مصادر مطلعة قالت إن السعودية وسوريا اتفقتا على إعادة فتح سفارتيهما بعد قطع العلاقات الدبلوماسية قبل أكثر من عقد، في قرار من شأنه أن يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام في عودة دمشق للصف العربي.
وستكون عودة العلاقات بين الرياض ودمشق أهم تطور حتى الآن في تحركات الدول العربية لإعادة العلاقات مع نظام الأسد ويشير هذا التطور على ما يبدو إلى الدور الذي يلعبه الاتفاق السعودي – الإيراني في أزمات أخرى بالمنطقة.
وتعارض بعض الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة وقطر، تطبيع العلاقات مع الأسد، مشيرة إلى وحشية حكومته خلال الصراع والحاجة إلى تحقيق تقدم نحو حل سياسي في سوريا.
واكتسبت الاتصالات بين المسؤولين السعوديين والسوريين زخماً بعد اتفاق تاريخي في مارس الماضي بين السعودية وإيران لإعادة العلاقات، إذ تعد طهران الداعم الرئيس لبشار الأسد.
ويعد التقارب بين الرياض وطهران جزءاً من عملية كبيرة لإعادة ترتيب أوراق الشرق الأوسط وسط تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، وقالت وزارة الدفاع السورية إن إسرائيل شنت ضربات جوية على مواقع في محافظة حمص السورية خلال ساعة باكرة الأحد الماضي، بينما ذكرت مصادر استخباراتية غربية أن سلسلة قواعد جوية في وسط سوريا يتمركز فيها عسكريون إيرانيون تعرضت للقصف.
“بداية خير”
ولطالما توجهت أنظار السوريين إلى الحي الدمشقي “أبو رمانة” الشهير بحي الدبلوماسيين، وبالذات نحو أبواب السفارة السعودية أملاً في أن تنبض بها الحياة من جديد بعد قطيعة سياسية بين الرياض ودمشق امتدت لأكثر من 10 سنوات.
ويترقب الشارع السوري ما سيفضي إليه تحريك المياه الراكدة بين البلدين تزامناً مع حديث عن زيارات دبلوماسية رفيعة المستوى ستكون أولى ثمارها إعادة البعثات الدبلوماسية مجدداً.
وفي غضون ذلك يتوقع مراقبون للمشهد السياسي عودة دمشق لمقعدها في مجلس جامعة الدول العربية بعد تجميد عضويتها منذ عام 2011، لا سيما أن الرياض تستضيف القمة العربية الـ 32 للمجلس في شهر مايو المقبل، بينما أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن التواصل مع سوريا قد يمهد الطريق لعودتها إلى الجامعة قائلاً إن “عزل سوريا لا يجدي والحوار مع دمشق ضروري لمعالجة الوضع الإنساني هناك”.
وينظر متابعون للشأن السوري بعين الاهتمام إلى المسار السعودي وضرورة أن يكون حاضراً بعد غياب عربي عن الساحة السورية، وبالتالي فقد يؤدي إلى تفاهمات وتسويات سياسية بين الموالاة والمعارضة لإنهاء الأزمة السورية