بدأت فعاليات اليوم الأول من مهرجان البحر الأحمر السينمائي بكثير من الأحداث والأعمال التي أثارت الجدل، إذ شهدت العروض السينمائية طرح أفلام مهمة لفتت انتباه الجمهور والنقاد أبرزها فيلم “إخفاء صدام حسين”، إضافة إلى ندوات حوارية غير تقليدية كانت على رأسها ندوة حضرتها ياسمين صبري التي أحدثت كثيراً من ردود الفعل بسبب تصريحاتها الجريئة.
انتظر قطاع كبير من حضور المهرجان في دورته الثالثة عرض الفيلم الوثائقي “إخفاء صدام حسين”، ويتحدث العمل عن تفاصيل كثيرة تخص الرئيس العراقي الراحل في مرحلة اختفائه قبل اعتقاله عليه وتنفيذ حكم الإعدام.
ونظراً إلى وجود تفاصيل كثيرة كان العمل محاطاً بالغموض بصورة كبيرة، خصوصاً أن الأحداث تروى على لسان البطل الحقيقي الذي عايش تجربة إخفاء صدام ويدعى علاء نامق.
وكشف الفيلم الوثائقي للمرة الأولى عن وجه ذلك الشخص الذي خبأ الرئيس العراقي الأسبق داخل مزرعته في قضاء الدور جنوب تكريت، مركز محافظة صلاح الدين شمال العراق، لمدة تجاوزت ثمانية أشهر.
وتم تصوير الفيلم عامي 2020 و2021، وهو من إخراج المخرج الكردي- النرويجي هلكوت مصطفى.
وكان من ضمن أسباب الاهتمام بمشاهدة العمل أنه منذ اعتقال صدام حسين ومعرفة أن علاء نامق هو الرجل الذي وفر له المخبأ لم يتم الكشف عن وجه نامق ولم يسمح له بالظهور إعلامياً.
مهمة الإقناع
وقال مخرج الفيلم هلكوت مصطفى إنه “تعب كثيراً حتى يقبل نامق المشاركة في الفيلم والظهور بنفسه، إذ إنه اعتبر الأمر خطراً جداً”، مشيراً إلى أن مجرد سرد تفاصيل إيواء صدام لم يكن عملاً سهلاً بل كان محفوفاً بالأخطار، خصوصاً أن هناك علامات استفهام عدة حيّرت كثيرين وهو منهم، مثل الحفرة التي اختبأ داخلها صدام في تلك المنطقة وهذه الفترة، فمن يصدق أن رجلاً يمكن أن يختبئ ما يقارب 200 يوم داخل حفرة بهذه الصورة.
الشاهد الأخير
وأضاف “كان حتمياً أن يكون بطلي الحقيقي هو شاهد العيان الأخير على أيام صدام قبل وقوعه في يد القوات الأميركية، وهذا يعتبر تدويناً وتوثيقاً لمرحلة آخر 200 يوم قبل الإعدام”، كاشفاً عن أنه كتب الفيلم في نحو 10 أعوام وصوّره في العراق، ونظراً إلى صعوبة التصوير في المواقع الحقيقية ووعورة الأماكن، استغرق ما يقارب عامين لإنجازه، أي إن العمل استلزم حوالى 12 عاماً بين الكتابة والتنفيذ.
وأوضح مصطفى أنه لم ييأس وحاول أن يقدم عملاً مميزاً مهما كلفه من وقت ومخاطرة ومجهود على رغم أن ذلك جنون ولن يكرره مرة أخرى في حياته.
وقال “حاولت صنع الفيلم بحيادية، وقررت إخراجه بطريقة موضوعية وألا أكون جزءاً منه، وكان هدفي أن أصنع عملاً عن الشخص الذي أخفى صدام حسين لا عن صدام نفسه، وتعمدت سرد تفاصيل دقيقة يمكن أن نسميها القصة التي وراء كل شيء”.
يذكر أن المخرج مصطفى انتقل إلى النرويج ودرس السينما هناك وشرح أنه بسبب المنظور النرويجي الموجود في حياته وصل إلى درجة كبيرة من الموضوعية في الرؤية.
فترة صمت
وقال علاء نامق شاهد العيان على الأيام الأخيرة لصدام حسين وبطل الفيلم أثناء تصريحاته إنه “يمر 20 عاماً على اكتشاف الأميركيين مكان صدام في مزرعته بعد قضاء أشهر طويلة تخللها رعب وخوف وهلع انتابه من هول الموقف”.
وعن صمته طوال هذه الفترة أوضح أنه “كان لا بد من الصمت حفاظاً على من حولي وخوفاً على عائلتي، وكانت كل الظروف المحيطة بي وبالمنطقة تحتم عليّ ألا أتحدث طوال الـ 20 عاماً الماضية”.
وكشف نامق عن أن سبب قبوله الظهور في الفيلم هو المخرج هلكوت مصطفى الذي بذل مجهوداً كبيراً للعثور عليه، إذ تعرف إلى صديق له قام بالتوسط لديه وإقناعه بالحديث، وما شجعه بحسب قوله على الخروج للتوضيح ضمن الفيلم أن هناك أشخاصاً استغلوا الأمر ونشروا معلومات غير حقيقية عبر وسائل التواصل، لذلك قرر المشاركة والإدلاء بشهادته أمام الجميع.
وقال نامق إنه ليس صحيحاً أن أولاد الرئيس صدام حسين تواصلوا معه، لكن بعض أقاربه فعلوا ذلك، ونزلوا ضيوفاً لديه في منزله أكثر من مرة، وشكروه واستمعوا إلى تفاصيل أيام الرئيس الأخيرة.