#مؤسسة_رؤى_للدراسات
تتسع دائرة الرفض السياسي العراقي لمساعي العودة إلى قانون الانتخابات القديم، والتي يدعمها “الإطار التنسيقي” مطالباً بالعودة إلى نظام الدائرة الانتخابية الواحدة، بدلاً من الدوائر المتعددة، واحتساب الأصوات وفقاً لطريقة “سانت ليغو”، وهو ما يثير جدلاً واعتراضات سياسية.
وسعي تحالف “الإطار التنسيقي” الذي شكّل حكومة السوداني إلى العودة لقانون “سانت ليغو” خطوة لنسف أبرز ما تحقق بعد تظاهرات عام 2019 الشعبية في البلاد، وهو سنّ قانون انتخابات جديد يعتمد على فوز الأكثر أصواتاً وفق نظام الدوائر المتعددة، بما يسمح للقوى المدنية والحركات الجديدة بالتنافس.
وأنهى البرلمان العراقي، الإثنين الماضي، القراءة الأولى لمشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات، الذي يُطرح أيضاً لاستخدامه في الانتخابات التشريعية، وظهر مشروع القانون الجديد، وفق نظام “سانت ليغو” القديم، الذي يعتبر إلغاؤه سابقاً أحد أبرز منجزات التظاهرات الشعبية في العراق في عام 2019.
واليوم أعربت أحزاب وكيانات سياسية رفضها التعديل، داعية في الوقت ذاته إلى إشراك الأحزاب والقوى السياسية العراقية كافة في صياغة قانون جديد للانتخابات، ودعا زعيم تجمع “كفى” رحيم الدراجي في مؤتمر صحافي، تلا فيه البيان المشترك الصادر عن تلك الأحزاب، إلى “إشراك جميع الأحزاب المسجلة في دائرة الأحزاب لصياغة قانون الانتخابات، على أن يتصف بالإنصاف، وتكافؤ الفرص، وإعادة ثقة المواطن بالعملية الانتخابية، ولا يتحيّز للأحزاب والتيارات السياسية التي حكمت البلاد”، مطالباً بـ”تعديل قانون مفوضية الانتخابات واستبدال إدارتها الحالية”.
كذلك أكّد “ضرورة تفعيل وتطبيق قانون الانتخابات (المعطل) لسنة 2015 قبل الشروع بالانتخابات المبكرة لمنع استخدام المال السياسي والاستغلال الوظيفي والإعلامي، والتهديدات المسلحة، وفق ما ينص عليه قانون الأحزاب النافذ”، مشدداً على أن “هذه الأحزاب الـ 14 سيكون لها موقف رافض لأي قانون يُسن بعيداً عن الأحزاب المسجلة غير الممثلة برلمانياً، إذ إن ذلك يؤدي إلى مزيد من الاحتقان والغليان السياسي والشعبي في العراق من قبل كل الأحزاب المعارضة والشعب العراقي الرافض تكرار الوجوه الكالحة والأحزاب الفاسدة”.
الخبير في الشأن السياسي العراقي إياد العنبر حذر من خطورة العودة إلى “سانت ليغو”، وقال في تغريدة له، “كل سياسي يصوت على قانون الانتخابات يتضمن العودة إلى سانت ليغو، فهو يريد أن يكرس خضوعه وخنوعه لزعامة الحزب أو رئيس القائمة، وبالنتيجة لا يستحق أن يكون ممثلاً للشعب”، مؤكداً أن “العودة إلى سانت ليغو تعني التحايل على إرادة الشعب، وإبقاء هيمنة قوى السلطة التقليدية التي أثبتت هشاشتها في انتخابات 2022”.
وأتاح القانون، الذي أجريت وفقه الانتخابات الأخيرة في عام 2021، للقوى المدنية والمستقلين الحصول على 47 مقعداً في البرلمان، جزء كبير منها انتزع من معاقل القوى السياسية الرئيسة في جنوب البلاد والعاصمة بغداد، كما صبّ في صالح التيار الصدري الذي حلّ أولاً في هذه الانتخابات، بحصوله على 73 نائباً من أصل 329، قبل استقالة نواب الكتلة الصدرية في يونيو/ حزيران الماضي، وحلول نواب آخرين مكانهم، غالبيتهم من قوى ضمن تحالف “الإطار التنسيقي”.
وآلية “سانت ليغو” في توزيع أصوات الناخبين بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي، وأصلها أن يتم تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4 تصاعدياً، وفي هذه الحالة تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز، لكن في العراق تم اعتماد القاسم الانتخابي بواقع 1.9، وهو ما جعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد (المستقلين والمدنيين)، وكذلك الكيانات الناشئة والصغيرة.
وإلى جانب رفض قوى وشخصيات مدنية عراقية ونواب مستقلين في البرلمان، فكرة العودة إلى نظام الدائرة الواحدة، وتفصيل قانون مناسب للكتل السياسية الرئيسية، فإن مراقبين أكدوا في وقت سابق أن مضي البرلمان في قراءة مشروع القانون والتصويت عليه قد يدفع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، للخروج من عزلته السياسية والتصدّي لهذه الخطوة عبر أنصاره في الشارع.