#دشتي_نجم_الدين_سعيد
#رئيس_مجلس_أمناء_جامعة_نولج
#مؤسسة_رؤى_للدراسات
تعتبر الرسالة التعليمية مهمة انسانية ترتكز على ابعاد اخلاقية لاي شخص يتصدى لهذه المهمة ونطلاقاً من مقولة “ان الأمم تبنى بعقول افكارها” بدأت العملية التدريسية عملية مهمة جداً لدى شعوب الارض تسهم في بناء العقل الجمعي والمدرك الفردي، بالشكل الذي يؤثر في سمات واتجاهات سلوكهم، والتعليم وظيفة مجتمعية لا تقبل الفوضى، بل عبر نظام تعليم متجدد يساعد المجتمع في احتواء التحديات والتهديدات التي تواجهه، ولا يمكن للفرد أن يستغني عن التعليم لأنه المرتكز الأول لعملية اعداده وتنشئتهِ ليعبر عن ذاته، ودوره في النظام الأسري، وفي العمل، والابداع، والدفاع عن وطنه، ومقدساته،وبالتكامل مع الاعمال الفردية والجمعية الأخرى.
السلوك الفردي والجمعي هو سلوك في معظمه مكتسب من التعليم، ومن الثقافات السائدة في المجتمع، وما تبقى فهو متفاعل مع عوامل وراثية وعادات وتقاليد اسرية. فلا وجود لفرد ولد وهو إرهابي، فثقافة الإرهاب هو ثقافة مكتسبة من الاسرة، أو من المجتمع، أو من التعليم المنحرف. لذلك دخل التعليم والتدريسي كعنصرين أساسيين في بناء الذهنية الإرهابية اضافة لعوامل أخرى، ودخل المعلم والتعليم كعنصرين أساسيين في مكافحة الأفكار والثقافات الإرهابية من جهة أخرى.
ومن هنا تأتي مؤسسات التعليم في المرتبة الأولى ضمن الاستراتيجية الشاملة للأمن القومي التي تتبناها الدول التي تعي خطر ظاهرة التطرف والإرهاب, فتعمل المؤسسة التعليمية على تحصين الطلاب منذ الصغر ضد الأفكار المنحرفة ومنها التطرف, إذ تقوم مؤسسة التعليم بالتعاون مع المؤسسات الأخرى بدءاً من الأسرة والإعلام والمجتمع المدني والقطاع الخاص في مواجهة هذه الظاهرة الجديدة والدخيلة على المجتمعات بشكل يعزز وانجاح جهود الحكومة بهذا الشأن.مفهوم الإرهاب من المفاهيم التي تعرضت للكثير من اشكاليات الاختلاف حول المدلول، والأسباب، والدوافع، ومستلزمات العلاج واولياته. والسبب يكمن في اختلاف المدارس الفكرية، والنظرية للمعنيين في تشخيص المدلولات للمفاهيم السياسـية والاقتصادية، والاجتماعية، والقانونية، مع اختلاف واضح في سياسات التعاون بين الدول، والفاعلين غير الدوليين، والتكامل في معالجة هذه الظاهرة التي تهدد مستقبل الإنسانية، واختلاف مقدار الضرر، ونوعه على دول العالم، بالشكل الذي رتب تفاوت في الرؤى والاجراءات حول وسائل تحقيق هدف القضاء على هذه الظاهرة.
هناك عامل أخر يتسم بالانتهازية والنفعية السياسية التي تستغل هذه الظاهرة لإعادة ترتيب توازن القوى السياسية والاقتصادية، والامنية المحلية، والإقليمية والعالمية. وبسبب تعدد التعاريف، واختلاف المدخلات، والمخرجات بالشكل الذي اربك المدرك الفردي والجمعي،اضحت مسؤولية التعليم، والمعلم في مستوى حماية وبناء الوعي المجتمعي للوقاية من ” الأمراض الفكرية لللإرهاب”، ومن الحرب النفسية وتكريس حقوق الإنسان التي يمارسها الإرهابيون بمهارة عبر تأويل النصوص الدينية لا سييما تلك المتعلقة بالدين الإسلامي الحنيف.والبحث تطرق لاهمية دور المعلم في احتواء الحرب النفسية للإرهاب، من قبل الجهات والمنظمات التي توظفه لاغراض سياسية، واقتصادية. ففي ظل تعقد الحياة وازدياد عدد سكان المدن أصبح ضبط السلوك والتحكم فيه عملية معقدة تحتاج إلى تضافر جهود كل أفراد المجتمع للوقاية من الجريمة وضبط السلوك المنحرف حيث إن رجل الأمن لا يستطيع وحده القيام بهذا الدور دون تضافر جهود جميع أفراد المجتمع لذا يصبح الزاماً على المجتمع بجميع مؤسساته الرسمية وغير الرسمية تنشئة أفراده تنشئة أسرية واجتماعية ومعرفية وثقافية وحضارية تعزز وتدعم ضرورة التعاون مع المؤسسة التعليمية التي تقوم على حماية حقوق أفراد المجتمع ويمكن الوصول إلى هذه التنشئة الأمنية من خلال تعميق الحوار والانفتاح الفعال بين المؤسسات التعليمية والمؤسسات الأمنية من خلال مناقشة المشاكل التي تواجه أفراد المجتمع ووضع أستراتيجيات مشتركة بين المؤسسات التعليمية والامنية لمواجهتها والحد منها، ووضع خطط إضافة مناهج جديدة حول الوقاية من الجريمة والانحراف وتوضيح كيف يمكن للشباب تحصين أنفسهم من الجريمة ومعرفة السبل الناجحة للابتعاد عن مهاوي الرذيلة وذلك من خلال الاتستفادة من التجارب الدولية، وربط المؤسسة التعليمية بالمجتمع المحلي وتفعيل دورها في حماية أمن المجتمع المحلي وعدم قصر نشاطها داخل أروقة المؤسسة فقط، لذلك يعد التعليم أحد المداخل المهمة التي يمكن استثمارها بكفاءة في مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب الفكري الذي اجتاح العديد من المجتمعات أصبح خطر يهدد أمن الدول واستقرارها, لذلك على الدول إعادة النظر في المناهج الدراسية ومساقات التعليم المختلفة والاهتمام بالمعلمين فهذه الأمور تشكل مدارك التنشئة المجتمعية, فالتعليم الجيد المبني على أسس علمية وطنية من شأنه أن يجفف أي بيئة خصبة تستغلها الجماعات التطرف والإرهاب لنشر أفكارها وكذلك يسهم في توثيق قيم إيجابية تحث على التعايش السلمي والوسطية والاعتدال وقبول الآخر ونبذ التعصب والتطرف بكل صوره.