د__نايف_كوردستاني
أسدل الستار على المشهد الأخير من رقصة الموت لشاب، وشابة في حفل زفافهما بقاعة الهيثم الملكية في (بغديدا) بقضاء الحمدانية، بعد الكارثة التي حصلت في قاعة الزفاف لاسيما بعد انتشار الحريق المفتعل بسقف القاعة بحجة وجود جهاز (الشَّعَّالات) التي أحرقت السقف أثناء رقصة (سلو) للعرسين!
وتجدر الإشارة إلى أن جهاز (الشَّعَّالات) عبارة عن جهاز كهربائي، ولا يحدث أي ضرر بالآخرين، ولا يُسبِّب الحرق لأي شيء، ومن هذا نستنتج بأن الحريق قد حدث بفعل فاعل مسيطر على قضاء الحمدانية، وهم يتحملون المسؤولية عن تلك الفاجعة الأليمة التي راح ضحتها أكثر من (125) شخصًا ماتوا بسبب الحرق، وأكثر من (500) جريح بآثار الحروق بدرجات متفاوتة، ومختلفة.
لا شك أن المصائب، والفواجع تأتي تلو الأخرى بسبب الفساد المشتري في مفاصل الدولة، وقد بيّنت التحقيقات الأولية بأن صاحب القاعة هو عبارة عن واجهة للميليشيات المتنفذة في الحمدانية التي لها مكاتب اقتصادية تجمع الأموال بطرق غير مشروعة مبنية على الابتزاز، والتهديد، وبُنيت القاعة على أرض زراعية تابعة للدولة، ومن دون أخذ الموافقات الرسمية من قبل الجهات الرسمية الحكومية من دائرة الزراعة، والكهرباء، والبلديات في نينوى، وهذه الجهات تتحمل المسؤولية أيضًا بالتستر على صاحب القاعة، فضلًا عن (قائم مقام) الحمدانية، والجهات الأمنية أيضًا، ومن المعروف أنه لا يجوز تحويل الصنف الزراعي من الأراضي إلا بالموافقات الرسمية من قبل الوزارات المعنية، وفي عام ( 2016م) منعت الحكومة العراقية تحويل الأراضي الزراعية إلى السكنية إلا بثلاثة شروط، وهي: أن يكون البناء غير مخالف للتصميم الأساسي، وأن تكون القطعة المبنية على شكل مجمع سكني، وأن يكون البناء المشيد على قطعة الأرض من المواد الثابتة!
حتى أن هذه الشروط الثلاثة غير موجودة في القاعة فضلًا عن عدم وجود شروط السلامة العامة، ولم تعرض مخططاتها للدفاع المدني، وعدم وجود أبواب، ومخارج أخرى للحالات الطارئة سوى باب واحد، وصغير لا يكفي للعدد الكبير من المدعوين الذي تجاوزوا الألف شخص، ومن ثم وجود مادة (ساندوتش پـنل) في سقف القاعة، والأقمشة، والزهور القابلة للاشتعال.
يجب محاسبة المقصرين، وتقديمهم إلى العدالة الذين تسببوا بهذه الفاجعة لإخواننا المسيحيين في بغديدا، وعدم التهاون معهم، وغض النظر عنهم الذين يستهينون بأرواح الناس الأبرياء، وفتح تحقيق عاجل لمعرفة خيوط هذه الكارثة، ومن يقف وراءهم من الجهات الميليشياوية التي تمتلك مكاتب اقتصادية في تلك المناطق، ومؤسسين أحزابًا، ولديهم قنوات فضائية ابتزازية، وسيشاركون في انتخابات مجالس المحافظات بنينوى!
وبعد مرور أربعة أيام قامت جهات سياسية بزيارة مكان الحادث لكي يحفظوا ماء وجههم أمام عوائل الضحايا، بينما قامت عوائل الضحايا بطرد وزيرة محسوبة على جهة ميليشياوية، وبعض المسؤولين الحكوميين، ومنعهم من الدخول إلى قاعة الموت.
أما حكومة إقليم كوردستان فقامت مشكورة بإرسال سيارات الإسعاف وفتح أبواب المستشفيات أمام المصابين منذ الساعات الأولى، وكان باستقبالهم وزير الصحة في حكومة كوردستان، ومحافظ أربيل، فضلًا عن زيارة رئيس إقليم كوردستان نيچـيرڤـان بارزاني المصابين في المستشفى، وتفقد أحوالهم، وتقديم الدعم الصحي الكامل لهم.
كان هذا المشهد الأخير من فصول هذه القصة، لكن لن تنتهي قصة المأساة في ظل النظام الفاسد المحمي من قبل جهات متنفذة!