#مؤسسة_رؤى_للدراسات
يستمر تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار في الأسواق الموازية بالعراق، لا سيما بعد وصول سعر الصرف مساء الأربعاء الماضي لنحو 1700 دينار للدولار الواحد، في الوقت الذي يبيعه البنك المركزي عبر مزاد العملة بـ1460 دينارا، وهو ما أدى إلى كشف رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن زيارة مرتقبة لوفد عراقي رفيع المستوى إلى واشنطن لبحث قضية الدولار.
وفي حديثه خلال لقاء تلفزيوني، أكد رئيس الوزراء العراقي الثلاثاء الماضي أن السبب الرئيسي لتقلبات سعر الصرف تعزى للمعايير الدولية، وما يتعلق بالعلاقة بين البنك المركزي العراقي والبنك الفدرالي ووزارة الخزانة الأميركية.
وتابع السوداني أن العراق كان قد اتفق مع الفدرالي الأميركي على تطبيق آلية لضبط حركة نقل الأموال وفق ما يسمى “معايير الامتثال” لنظام المصرف العالمي، لافتا إلى أن الآلية جاءت وفق مذكرة موقعة مع البنك المركزي العراقي قبل عامين للمضي بهذه الإجراءات لكي يكون نظام التحويلات المركزية عبر منصة إلكترونية يتم تدقيق الحوالات من خلالها.
وأوضح أن الإجراءات لم تكن بالمستوى المطلوب من حيث تأهيل المصارف العراقية من قبل البنك المركزي والحكومة السابقة، إذ كان من المفترض أن تتهيأ المصارف الأهلية والتجار لهذه المنصة الإلكترونية.
ما تأثير المنصة الإلكترونية؟
تعرف المنصة الإلكترونية -التي بدأ البنك المركزي العراقي تطبيقها أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي- بأنها طريقة تدقيق جديدة ونظام تحويل “سويفت” (SWIFT) وفق ما هو معمول به في جميع دول العالم، وهو ما يتطلب تفاصيل دقيقة عن الحوالات الخارجية التي تجري من العراق، وذلك حسب ما تحدث عنه الخبير المالي محمود داغر.
ويؤكد الخبير الاقتصادي صفوان قصي أن تراجع حجم الدولار المباع بمزاد بيع العملة وتزامن ذلك مع ارتفاع سعر صرفه في الأسواق الموازية؛ يدل على أن المصارف الأربعة التي حظرها البنك المركزي العراقي من دخول مزاد بيع العملة كانت تستحوذ على ما يقرب من 40% من مبيعات البنك المركزي من الدولار، لافتا إلى أنه بات على المصارف الخاصة التحري المسبق عن الأموال العراقية قبل شرائها الدولار لكي تكون في مأمن من إجراءات البنك المركزي الجديدة.
وعن التأثيرات، يقول داغر إن تطبيق هذه المنصة الإلكترونية أدى إلى عودة العديد من الحوالات ورفضها، وتقليل المصارف المحلية عمليات شراء كميات كبيرة من الدولار بسبب هذه الإجراءات الشديدة.
كيف أوقفت المنصة التحايل في التجارة؟
ومع بدء العمل بالمنصة الإلكترونية ونظام سويفت، قال رئيس الوزراء العراقي خلال لقائه المتلفز “دائما نتحدث عن وجود فواتير مزورة وخروج الأموال إلى الخارج عن طريق التهريب وهذا واقع”، حيث أبدى السوداني استغرابه من استيرادات كانت تصل قيمتها لنحو 300 مليون دولار يوميا.
وفصّل السوداني في هذا القضية قائلا “إن ذلك يفسر أن العملة كانت تهرب إلى الخارج، وكانت هذه مشكلة مزمنة منذ سنوات”، لافتا إلى “إن هذه الأموال كانت تخرج بفواتير مزورة، إذ إن فواتير استيراد مادة الحديد سابقا كانت تغطي العراق بأكمله، إلا أن تلك الكميات لم تدخل البلاد”.
ويشير الخبير الاقتصادي صفوان قصي إلى أن تراجع مبيعات البنك المركزي من العملة لم يؤثر في التجارة الحقيقية في البلاد، لا سيما في ما يتعلق بالشركات المسجلة التي لديها حسابات مصرفية معروفة وموثقة لدى الفدرالي الأميركي، بما يعني -وفق قصي- أن العمل وفق نظام التجارة المعمول به في العراق كان يفقد البلاد الدولار، وكذلك تحصيل الحكومة من العائدات الجمركية المتأتية من إدخال البضائع المستوردة.
وأوضح أن الحكومة العراقية كانت تحصّل ما قيمته 10% فقط من قيمة ما يذهب كحوالات دولارية للتجارة الخارجية، بما يؤشر لصحة ما أدلى به رئيس الوزراء العراقي بأن الدولار كان يهرب من العراق بفواتير مزورة.
أما الخبير المالي والاقتصادي باسم جميل أنطوان فيرى أن المباحثات العراقية الأميركية المزمعة لا تزال غامضة، مبينا أن البنك المركزي العراقي كان تعهد بتطبيق نظام سويفت، وأنه في حال عدم التزام العراق بالمطالب الأميركية، فإن ذلك سيؤدي لعواقب وصفها “بغير الحميدة” على الاقتصاد العراقي، حسب تعبيره.
وبدأت الحكومة العراقية إجراءات عديدة للسيطرة على أسعار المواد الاستهلاكية ذات الصلة بحياة العراقيين اليومية، إلا أن العراقيين لا يزالون بانتظار إجراءات تعيد سعر صرف الدولار لوضعه السابق في ظل فقدان الدينار العراقي نحو 15% من قيمته خلال الشهرين الماضيين، وفق ما يؤكده خبراء الاقتصاد.