#مؤسسة_رؤى_للدراسات
عُسر القراءة، المعروف علميا بمصطلح “ديسلكسيا”، من أكثر الصعوبات التعليمية انتشارا بين الأطفال. لكن هؤلاء يمكنهم النجاح في المدرسة من خلال التدريس الخاص أو برنامج تعليمي تخصصي. كما يؤدي الدعم المعنوي دورا مهما أيضا.
وعلى الرغم من عدم وجود علاج محدد لعسر القراءة، فإن التقييم والتدخل المبكرين يؤديان إلى أفضل النتائج في التقليل من آثار المشكلة. وقد يستمر عسر القراءة أحيانا لسنوات من دون تشخيص، ولا يُتَعرّف عليه حتى سن البلوغ، ولكن يمكن طلب المساعدة في أي مرحلة.
دور الأهل
تقول المرشدة التربوية والمتخصصة في صعوبات التعلم والنطق والصحة النفسية نتالي صايغ إن معظم الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة يجدون صعوبة كبيرة في فهم الحروف التي تؤلف الكلمات وتهجئتها، ويعجزون عن الربط بين الحرف وصوته، وكذلك في لفظ وربط أصوات الحروف في اللغة لتشكيل كلمة واحدة مفهومة.
وغالبا ما يقرأ المُعسرون ببطء شديد، وتكون لديهم صعوبات كثيرة في التهجئة. وهو خلل محدد ذو أصل تركيبي يتميز بصعوبة تفكيك رموز الكلمة المنفردة، ما يعكس عدم كفاية في المعالجة الصوتية وتحويل الكلمات المكتوبة إلى أصوات. فعندما ينظر المرء إلى كتاب ويرى كلمة “سيارة”، تنقل العين حروفها إلى الدماغ، ومن ثم يُطابق الدماغ الحروف بالأصوات التي تمثلها. ثم يجمع الدماغ مختلف الأصوات المنفصلة إلى صوت واحد. ومن خلال استخدام الذاكرة الطويلة المدى، يقوم بوضع صورة ذهنية لتلك الكلمة حتى تأتي شكل كلمة “سيارة”. ويجد المتضررون من عسر القراءة صعوبة بالغة في هذه العملية.
خطوات لمساعدة الأطفال
وتنصح صايغ الأهل باتباع الخطوات التالية لمساعدة أطفالهم على التخلّص من عسر القراءة قدر المستطاع:
تأمين جوّ هادئ لمساعدة الطفل على التعلم والاستيعاب. فلا بد أن يبتعد الأهل عن الشجار والصراخ وغيرها من عوامل يمكن أن تشوّش وتشتّت انتباه الطفل.
خلال مساعدة الطفل في الدراسة، يجب التكلم معه بهدوء ورويّة، والتأكد من أنه فهم الأسئلة التي طُرحت عليه. كما على الأهل أن يطرحوا الأسئلة المباشرة ويبتعدوا عن تلك المعقدة، ويساعدوا الطفل في الكتابة من خلال الخط الواضح.
تشجيع الطفل خلال الدراسة، وعدم التقليل من شأنه والاستخفاف بقدراته أو الاستهزاء به.
مفتاح نجاح الطفل الذي يعاني من عسر القراءة هو تمتّع والديه بالصبر وطول البال.
يجب أن يثقّف الأهل أنفسهم عن اضطراب عسر القراءة وما ينتج عنه من مشكلات دراسية.
على الأهل أن يكونوا إيجابيّين تجاه طفلهم ويركّزوا على نقاط القوة عنده ويتعرّفوا إلى ميوله المهنية.
قد يستخدم المعلمون تقنيات تشمل السمع والبصر واللمس لتحسين مهارات القراءة (بيكسلز)
برنامج لمحاربة عسر القراءة
وفق موقع “سمارت كيدز ويذلد” (smartkidswithld)، يتم تعليم الطفل المصاب بعسر القراءة بطريقة الدعم وفق برنامج مخصص. ويُعد الدعم العاطفي للوالدين، وكذلك الدعم النفسي التربوي من معلّم متخصص، أمرين ضروريين.
ففي المدرسة الابتدائية، يقرأ الأطفال العاديون جيدا ما لا يقل عن 10 ملايين كلمة خلال العام الدراسي، بينما هؤلاء الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم يقرؤون أقل من 100 ألف كلمة خلال الفترة ذاتها.
ووفق التقرير الذي أعدته الباحثة الدكتورة مارغي غيليس، رئيسة قسم معرفة القراءة والكتابة والباحثة المنتسبة إلى مختبرات “هاسكنيز” وجامعة “فيرفلد”، قد يستخدم المعلمون تقنيات تشمل السمع والبصر واللمس لتحسين مهارات القراءة، لأن استخدام حواس عدة يمكن أن يساعد الطفل على التعلم أكثر. فمثلا، يمكن للطالب الاستماع إلى درس مسجل وتتبع الكلمات والأحرف بالإصبع لشكل الحروف المستخدمة والكلمات المنطوقة، ما يساعد في فهم المعلومات أكثر.
وتقول غيليس “الأطفال المصابون بعسر القراءة عادة ما يُظهرون شعورا بالقلق والتوتر والغضب، فضلا عن تدني احترام الذات والميل إلى العزلة. ومن مسؤولية الكبار (الآباء ومقدمو الرعاية والمعلمون) دعمهم للوصول إلى الأهداف المرجوة من دون إحباط”.
وتوضح غيليس أن الحروف وسلاسلها تمثل الأصوات والكلمات، ما يسهل على الطفل فهم ما يقرؤه، وبالتالي، يستطيع بناء حصيلة مفردات من الكلمات المعروفة والمفهومة لديه، وتضيف “يمكن العمل على نشاطات أكثر تعقيدا، مثل إملاء المقاطع لإعادة بناء الكلمات والعبارات أو استخدام الصور والنصوص، والكلمات التي يكون لها معنى. وكلما بدأ الوعي الصوتي في التطور، تحسنت مهارة القراءة أكثر”.
في نهاية المطاف “فإن كل ذلك سيساعد الطفل على التمييز البصري والسمعي بين الكلمات، وإنشاء مراسلات التهجئة الصوتية. ويمكن أن يفيد ذلك أيضا الأطفال الذين لا يواجهون صعوبات في القراءة”.