بعبارات قاسية وصلت إلى حد وصف الرئيس الأميركي جو بايدن بـ”الكذاب والمنافق”، اتهم رئيس الوزراء العراقي الأسبق الدكتور إياد علاوي الولايات المتحدة وإيران بـ”تخريب” العراق، وروى لصحيفة “الشرق الأوسط” كيف انصاعت واشنطن لضغوط طهران لمنعه من تشكيل حكومة عراقية على رغم فوزه في انتخابات 2010 وإهداء رئاسة الوزراء لنوري المالكي.
بعد انتخابات مارس (آذار) 2010 التي فازت فيها لائحة “العراقية” بزعامة علاوي بـ91 مقعداً مقابل 89 للائحة “دول القانون” بزعامة المالكي، كان يفترض دستورياً أن يكلف علاوي بتشكيل الحكومة، لكن لجوء خصمه إلى المحكمة الاتحادية العليا وانتزاعه تفسيراً آخر للمادة المتحدثة عن الكتلة الأكبر، وتحت وطأة الضغط الإيراني والأميركي، تولى المالكي، أخيراً، رئاسة الوزراء بعد أزمة استمرت نحو تسعة أشهر.
رضوخ أميركي لتهديدات إيران
اتهم علاوي أميركا وإيران بالعمل معاً لمنعه من تشكيل الحكومة، قائلاً إن واشنطن رضخت لتهديدات طهران خلال المفاوضات التي كانت جارية بين البلدين حينها في مسقط، والتي نقل خلالها الجانب الإيراني إلى الأميركيين تهديداً مفاده أنهم سيوقفون المفاوضات وستحدث مشكلات في العراق إذا تولى علاوي رئاسة الوزراء.
إثر ذلك، روى علاوي، “في تلك الفترة كان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن (في عهد الرئيس باراك أوباما) يتردد نحو ثلاث مرات شهرياً على بغداد. كان همه أن أتنازل لمصلحة المالكي. طرح عليّ أن أتولى رئاسة الجمهورية، فقلت له إن الشعب انتخبنا لنشكل الحكومة فكيف أصبح رئيساً للجمهورية بلا شغل أو عمل (طابع المنصب شبه بروتوكولي). جدد بايدن محاولته وقال لي، “إذا وافقت أن تصبح رئيساً للجمهورية سأكون أنا مدير حملتك”. فقلت له، “إنني لست في حاجة إلى حملة، فأنا حملتي الشعب العراقي، وانتخبت لأكون رئيساً للحكومة”. وعلى رغم ذلك، استمر بايدن في محاولاته لإقناعه بالتنازل.
وقال علاوي، إنه التقى بايدن نحو 20 مرة منذ كان مسؤولاً عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، مضيفاً أن “شخصيته مهزوزة، وهو كذاب ومنافق”.
رفض التوسل من إيران
واتهم رئيس الوزراء العراقي الأسبق الولايات المتحدة وإيران بتخريب بلاده، “من حل الجيش العراقي، إلى الحشد الشعبي، والميليشيات المسلحة والإرهاب، ووأد الديمقراطية وانتشار الطائفية السياسية”، مؤكداً أن طهران “سهلت كثيراً” الغزو الأميركي للعراق.
وعن سبب وقوف إيران ضده، عدد علاوي عدة أسباب، بما فيها عدم انتمائه إلى الفكر السياسي الإسلامي، واعتراضه على التنازلات التي قدمها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لطهران في اتفاق 1975 حول شط العرب، ورفضه حين كان رئيساً للوزراء دفع تعويضات مالية طالبت إيران بها عن حرب 1982 – 1988.
وكشف علاوي أنه تلقى نصائح من قادة دول عدة لزيارة إيران كي تزيل “الفيتو” عن توليه رئاسة الوزراء، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام السوري بشار الأسد، لكن رده كان واحداً، “أنا خادم للشعب العراقي والأمة العربية وأتشرف بذلك، ولست مستعداً لتوسل إيران أو غيرها من أجل منصب”. وأكد أنه لم يزر إيران على الإطلاق لا سراً ولا علناً.
وعلى رغم ذلك، روى علاوي أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني عرض عليه بعد انتخابات 2018، مساعدة طهران ليتزعم “الحركة الشيعية” في العراق. فرد عليه قائلاً، “أنا شيعي لكنني لست ملتزماً بالفكر السياسي الإسلاموي للشيعة. أنا بعيد من هذه الأفكار. نشأت في حزب وطني وقومي وعروبي وليست لدى هذه الأمور”.
علاقة صداقة مع الحريري
وفي سياق منفصل، تطرق علاوي في حديثه مع “الشرق الأوسط” إلى علاقته برئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري الذي كانت تجمعه به علاقة صداقة، وروى كيف سارع إلى تلبية طلبه بالتوسط لدى الرئيس الفرنسي جاك شيراك لمعالجة موضوع الديون المستحقة على بغداد لباريس. وبالفعل، استجاب شيراك لطلب الحريري وأبلغه في غضون ساعة قراره بتخفيض ديون العراق بنسبة 80 في المئة وتأجيل تسديد الباقي. وقال علاوي، “كان ما قام به الحريري إنجازاً مهماً ودليلاً على إخلاصه وشهامته وعروبته”.
وأوضح علاوي أن الحريري حاول تشجيع العراقيين على تنظيم “طائف عراقي” على غرار الطائف اللبناني، يضع صيغة سياسية تضمن مشاركة كل المكونات في الحياة السياسية وتوفر أساساً صلباً للاستقرار.
وقال وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري، إن الحريري كان “خائفاً من الأجندة الإيرانية والأجندة السورية اللتين تختلفان في العراق، وكان يشدد على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق. وكان ينبهنا إلى أن النظام السوري سيبذل كل ما في طاقته في سبيل تقويض العملية السياسية”.