ينتاب كثيرا من الطلاب، في مختلف المراحل الدراسية، إجهاد الامتحانات. وهي حالة نفسية لها خصائصها، فالطالب يخشى ألا يحرز العلامات المتوقعة للتفوق، أو ألا يتمكن من اجتياز الامتحان.
فما دور المعلم في توعية الطلبة وإرشادهم إلى كيفية تجاوز هذه المرحلة؟ وهل ينجح المعلم بإدارة الحصص الصفية (الفصلية) وامتصاص ما يعانونه من إجهاد وتلطيف الأجواء حتى لا يزيدهم توترا فوق توترهم الطبيعي؟
يقول المستشار التربوي الدكتور عايش نوايسة إن فترة الاختبارات تعد من أكثر الفترات التي تسبب للطلاب ضغوطا نفسية، إذ ينظر إليها بعضهم على أنها فترة طارئة، في حين يراها آخرون كابوسا أو هما. وهذا ناتج عن الطريقة التي تقدم بها الاختبارات للطلبة.
ويوضح نوايسة، في حديث للجزيرة نت، أن غالبية الدراسات التي أجريت حول أسباب كره الطلاب للمدرسة أظهرت أن من أهم العوامل هي الاختبارات المدرسية التي تركز على الطريقة التقليدية في التقييم، وهي مقدار الحفظ والتلقين، وهذا يُغفل الجوانب الشاملة للتربية الحديثة.
التهيئة للتعامل مع الاختبارات
يرى المستشار نوايسة أنه يقع على المعلمين والأسر دور كبير في تهيئة الطلبة للتعامل مع الاختبارات وتخفيف حدة الضغوط النفسية لديهم، وذلك من خلال إكسابهم مهارات إدارة الوقت، والعادات الدراسية الصحيحة، والأوقات المناسبة لها، وكيفية التعامل مع المناهج الدراسية وفق طبيعتها، فطريقة دراسة المواد الإنسانية غير طريقة دراسة المواد العلمية.
ويضيف “على المعلمين بناء الاختبارات وفق الأسس العلمية السليمة التي توزع الطلبة بحسب قدراتهم الفردية، فيكون مناسبا للجميع. كما على المعلمين تحديد وقت مناسب وتهيئة بيئة مريحة للطلبة أثناء الامتحان”.
ويؤكد نوايسة أنه “لا بد من إشراك أولياء الأمور في تهيئة الأبناء للاختبار، من خلال توفير بيئة مناسبة للدراسة في البيت ومساعدة الطلبة ذوي القدرات المتدنية”.
وخلال مرحلة الامتحانات، ينصح نوايسة بضرورة تدريب الطلاب على التأقلم النفسي مع الاختبار السابق والاستعداد للاختبار اللاحق. وهذا يتطلب دورا من المرشد التربوي في المدرسة، الذي يقع عليه دور كبير في تعزيز الطلاب نفسيا وإرشادهم إلى العادات الصحيحة للدراسة.
القلق الطبيعي يُبقي الطالب يقظا
يرى المتخصص في علم النفس الدكتور علي الغزو أن القلق قبل الامتحان أمر طبيعي يحمي الشخص، وهو شعور صحي، إذ يبقي الطالب يقظا نفسيا، ويساعده ذلك في تحقيق نتائج أفضل. ولكن القلق المفرط يؤثر سلبا في حالته الصحية، مما يتسبب بانخفاض أدائه.
وعن دور الأسرة في قلق الامتحان، يقول الغزو للجزيرة نت “تتأهب بعض الأسر عند اقتراب موعد الامتحانات، سواء في المرحلة الثانوية أو المراحل الدراسية المختلفة، فتسود البيت حالة طوارئ من سلوكيات تبث الرهبة في نفس الطالب. في حين يحتاج الطالب خلال هذه الفترة إلى جو عائلي يسوده الحنان والمودة، وتوجيهه بالكلمات الطيبة واحترام قدراته وعدم المبالغة في التوقعات والنتائج المطلوبة منه”.
معلم تقليدي.. وآخر مبدع
لكل معلم نمط في تعامله مع الطلبة، بحسب الدكتور الغزو، فهناك المعلم التقليدي (الكلاسيكي) الذي لا يزال يمارس دور الدكتاتور مع الطالب، فيتعامل معه بقسوة تولد أجواء من التوتر قبل الامتحان، ويطلق عبارات وتحذيرات ترهيبية لها وقع سيئ على نفس الطالب وتزيد من توتره وقلقه، وتبقى عالقة في ذهنه وترافقه عند الدراسة في وقت الامتحان.
أما النموذج الآخر، فهو معلم مبدع “يسهل عملية التعلم” ويحاول دائما التخفيف عن الطلبة وطمأنتهم من الامتحانات، وتوجيههم نحو العادات الدراسية السليمة، ورفع ثقة الطالب بنفسه وحتى إن أخفق في امتحان ما، يُطمئنه بأن ذلك “ليس نهاية الكون”، وما عليه سوى إعادة المحاولة لاحقا.
ويشير الغزو إلى أهمية تدريب الطالب على أداء بعض الامتحانات التجريبية (من دون احتساب العلامة) لكسر حاجز الخوف لديه. وبهذا الامتحان، يحصل المعلم والطالب على نموذج أولي للنتائج المتوقعة، فقد يشير الامتحان إلى إخفاق جميع الطلبة بحل سؤال ما، وهنا يتطلب من المعلم إعادة شرح المادة (أو الدرس) مرة أخرى.
وقد يلاحظ المعلم ارتباك الطالب الشديد في الامتحان وتوتره. هنا، يمكن الاستعانة بالمرشد التربوي في المدرسة ليستمع إليه، ويحاول الوقوف على أسباب خوفه، وعليه يصبح المعلم والمرشد قادرَيْن على التدخل لمعالجة حالة الطالب.
نصائح لدعم الطلاب
نشر موقع “بلوغ أوبتيموس” (blog.optimus-education) نصائح من عالم النفس الدكتور أليستير بيلي حول أفضل الطرق لدعم الطلاب الذين يعانون من ضغوط الامتحان، ودور المعلم في ذلك، وهي:
التركيز على الأساسيات: شجع طلابك على تمضية الوقت في التفكير في الأشياء التي تشكل الركائز الأساسية للصحة: النوم، والتغذية، والتمارين الرياضية والاتصال، وكيف يمكن تحسينها باستمرار.
مراعاة الاختلافات: وجه طلابك إلى تجنب محاولة مواكبة روتين الدراسة ذاته، مثل أقرانهم، فهم بحاجة إلى فهم الظروف التي يتعلمون فيها بشكل أفضل.
التوازن: ستكون هناك دائما درجة من التوتر في الامتحانات، ومن المهم أن يعمل التلاميذ بجد. لكن من الضروري إيجاد توازن بين التعلم ووقت الفراغ، فالانخراط في الأشياء التي تثير الإحساس بالاتصال والهدوء والمرح ضرورة وليس رفاهية.
تقنيات التنفس: في الساعات التي تسبق الامتحان، يجب أن يحاول طلابك التركيز على تقنيات التنفس والاسترخاء، لتشجيع أنفسهم. وعليك نصحهم أيضا بإدارة مشاعرهم لتقليل التوتر والسماح للدماغ بالتفكير السليم واتخاذ القرار المنطقي.
الثقة بالنفس: إن امتلاك الثقة بالنفس أمر أساسي عندما يتعلق الأمر بالأداء تحت الضغط. ساعد طلابك على أن يثقوا في قدراتهم فذلك له تأثير عميق على أدائهم وتقديرهم لذاتهم.