#مؤسسة_رؤى_للدراسات
تتطلع كثير من الأمهات إلى خلق علاقة مميزة مع طفلها، وفي مرحلة المراهقة تقع الأم في فخ الصداقة مع الابن، ظنا منها أن تلك العلاقة تجعلها على دراية بكل ما يدور في حياته من أجل حمايته.
ما تحاول الأم فعله بحسن نية، يثبت العلم أنه خطأ ويؤثر سلبا على الطفل والأم أيضا، لأنها بنواياها الطيبة تكسر الحدود والقواعد ومبادئ الاحترام، وتفرض وجودها بشكل مبالغ فيه في مرحلة المراهقة التي يمر بها طفلها والتي تتميز بالتفرد والاستقلالية بعيدا عن سيطرة الآباء.
الصداقة مقابل الأمومة
في الوقت الذي تعني فيه الصداقة الحفاظ على رابطة عاطفية محايدة بين شخصين أو أكثر، وتقوم تلك العلاقة على الشعور بالمساواة المطلقة التي لا يمارس فيها أحد السيطرة على الآخر. تعني الأمومة، وفقا لموقع “إكسبلورينغ يور مايند” (Exploringyourmind) المحبة والتعليم والحماية والتوجيه والاهتمام بشخص أصغر سنا، وتمارس الأم كل ذلك انطلاقا من موقع السلطة.
لماذا يجب ألا تكوني صديقته؟
تعتقد العديد من الأمهات أنها إذا صادقت أطفالها، فإن واجبات الأمومة ستكون أسهل، وأن العلاقة بينهن وبين أطفالهن ستكون أكثر قربا وودا. لكن وبحسب موقع “تشايلد ديفيلوبمنت إنفو” (Childdevelopmentinfo) فإن علاقة الصداقة تلك من المحتمل أنها لن تمنح الأطفال العديد من القواعد أو الإرشادات، وقد تؤدي إلى حدوث مشكلات كبيرة بين الطرفين، للأسباب التالية:
فقدان السلطة: يحتاج الطفل إلى التوجيه والانضباط، وكذلك يحتاج إلى فرض قواعد وعواقب عند الإخفاق. عندما تفقد الأم سلطتها لأنها صديقة وفي نفس مستوى الطفل، يمكن أن يصبح الطفل غير مستقر. وعلى العكس، يشعر الطفل بالقرب من أمه أكثر عند وضع قواعد ومبادئ توجيهية لأنها تشعرهم بالأمان.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التخلي عن السلطة والحكمة والخبرة التي تأتي مع الأمومة تجعل من الصعب تربية أطفال أصحاء وأكفاء يمكنهم التعامل مع الإحباط وخيبة الأمل .
تجاوز الحدود: يجهل الطفل في مرحلة المراهقة فكرة الحدود ويتخطاها أحيانا مع أمه، وإذا كانت العلاقة بين الأم وطفلها علاقة صداقة فستختفي فكرة الحدود تماما ولن يكون هناك تمييز بين ما هو مقبول أو غير مقبول بسبب طبيعة العلاقة أو فرق السن أو القيم.
ضغوط إضافية: تحويل الطفل إلى صديق مقرب، قد يؤدي إلى زيادة الضغط غير الضروري على الطفل الذي يفتقر إلى مستوى النضج اللازم لمعالجة أو فهم مشاكل الكبار. وهناك جوانب أخرى في حياة الأم لا ينبغي أن يكون الطفل مشاركا فيها مثل الخلافات بينها وبين الأب، أو الأزمات المالية الحرجة، أو مشاركة معلومات شخصية مثل الأفكار السلبية عن الزواج، إذ إن تلك المعلومات لن تحقق الغرض من المشاركة وهي تحقيق علاقة قوية بين الأم والطفل، بل ستتسبب في ضغط نفسي كبير على الطفل.
التبعية: في علاقة الصداقة يعتمد الطفل والأم على بعضهما بعضا وهو ما يؤدي إلى نتائج عكسية. وإذا حدث خلاف بين الأم والطفل قد يؤدي ذلك إلى تدمير الصداقة وتدمير العلاقة بينهما. لكن في العلاقة الطبيعية، فإن التبعية مختلفة ويمكن إدارتها ببساطة. وتكون هناك حرية أكبر في التواصل بين الطرفين دون الخوف من تدمير علاقة الصداقة.
تعطيل الاستقلالية: خلال فترة المراهقة ينمي الطفل شعوره بالتفرد والاستقلالية، والاعتماد على نفسه في المقام الأول. ومع ضغط الأم لتكون مقربة من الطفل بشكل كبير تحدث عواقب سلبية، وتصيب الطفل بالتوتر والقلق وتدني احترام الذات. فمن الضروري أن تكون لدى المراهق القدرة على إقامة علاقات منفصلة مع أصدقائه والتواصل معهم باستقلالية.
كيف تحققين التوازن؟
تحاول بعض الأمهات تغيير شكل العلاقة بينها وبين طفلها، لتصبح علاقة صداقة ظنا بأنها العلاقة الأفضل والأجمل التي تحمل كثيرا من الود وتجعل الأم أقرب شخص للطفل. وهناك طرق لخوض تجارب تشبه الصداقة دون التضحية بدور الأم وهو ما قد يكون أهم وأفضل دور في حياة الطفل.
ولا يعني الالتزام بدور الأم غياب العلاقة الودية مع الطفل، حيث يؤثر دفء العلاقة ودعم الأم وتعاطفها مع طفلها بشكل كبير في حياته وشخصيته.
ووفقا لموقع “فيري ويل فاميلي” (Verywellfamily) يمكن للأم تحقيق التوازن الصحيح بين الأمومة والصداقة في حياة طفلها، من خلال مراعاة عمر الطفل وطرق التعامل الملائمة لكل مرحلة عمرية.
في عمر الطفل الصغير، تتخذ الأم جميع القرارات المتعلقة به إلى حد كبير. ولكن مع تقدمه في السن، وبدء تطوير بعض الاستقلالية، يمكن للأم البدء في العمل كموجه أو مدرب والسماح له ببعض الحرية في اتخاذ القرارات والنقاش معه، ولا يعني ذلك أن تتخلى عن استخدام إستراتيجيات الانضباط المناسبة للعمر أو وضع حدود للطفل وقواعد لا ينبغي له مخالفتها.
بديل عن الصداقة
بدلا عن خلق علاقة صداقة يكون فيها الطرفان متساويين، يمكن للأم رسم علاقة مميزة مع طفلها يحترم فيها كلا الطرفين بعضهما بعضا، يهتمون ويثقون ببعضهم، ويمكنهم إجراء محادثات هادفة والاستمتاع بالصحبة معا. ولا يمنع ذلك أن تمارس الأم في بعض الأوقات سلطتها وتفرض قواعد يجب أن يلتزم بها الطرف الآخر. ولتحقيق ذلك ينصح موقع “بارينتنغ ساينس” (Parentingscience) بما يلي:
احترام عقل الطفل وقراراته الخاصة وعدم التدخل بشكل مفرط في حياته الخاصة.
التحدث مع الطفل عن أفكاره وآماله ومشاعره.
مشاركة الطفل أشياء بسيطة مثل الضغوطات المالية البسيطة كعدم القدرة على شراء شيء يطلبه في الوقت الحالي، لكن لا داعي لمشاركته أزمة مالية ضخمة من الممكن أن تزعجه وتؤثر عليه.
قضاء الوقت معا والقيام بأنشطة ممتعة للطرفين.
التجاوز عن بعض الأخطاء وعدم الإفراط في العقاب، وفي نفس الوقت، وضع الحدود وعدم السماح بتجاوزها.