#مؤسسة_رؤى_للدراسات
تلاحظ بعض الأمهات تغييرا سلبيا كبيرا في سلوك الطفل ومزاجه بعد عودته من المدرسة. وعلى الرغم من أن الطفل يكون في أفضل حالاته السلوكية داخل المدرسة؛ فإنه بمجرد وصوله إلى البيت يصبح كرة كبيرة متأججة من العواطف، قد يصرخ أو يدخل في نوبات من الغضب.
ويوضح العلم أن ذلك النوع من السلوك ليس بالأمر غير المألوف، ويشير إليه بعض علماء النفس باسم “انهيار ضبط النفس بعد المدرسة”.
وصاغت أندريا لوين مستشارة وخبيرة تربية الأطفال، وعضو الجمعية الكندية للإرشاد النفسي، مصطلح “انهيار ضبط النفس بعد المدرسة”، ويطلق عليه -أيضا- اسم “نوبة الغضب بعد المدرسة”، أو “الانهيار بعد المدرسة”، وهو يصف الحالة التي يظهر فيها الطفل، عادة في المرحلة الابتدائية، تحديات عاطفية وسلوكية؛ مثل: التهيج أو نوبات الغضب أو الانفجارات العاطفية أو الانهيارات بعد الانتهاء من يوم المدرسة.
ويذكر المستشار النفسي والأسري أحمد سريوي، أن الطفل يمر أثناء وجوده في المدرسة بسلسة متصلة من الحصص الدراسية التي تلزمه بالضبط والأدب، والهدوء وعدم الصراخ وعدم اللعب، والبقاء جالسا لمدة طويلة قد تمتد لأكثر من 6 ساعات.
ويقول المستشار النفسي إن كل ذلك يشكل ضغطا نفسيا كبيرا على الطفل، الذي لا يمتلك إلا أن يستجيب لكل هذا الضغط بالالتزام والهدوء، خاصة في ظل غياب الأبوين، “في الوقت الذي يتصرف فيه بقية الطلاب كما هو يفعل أيضا، فالبيئة المدرسية مختلفة تماما عن بيئة المنزل والشارع وغيرها، من ناحية الضبط والالتزام”.
ويفسر د. أحمد سريوي حالة الغضب والانهيار التي تجتاح الطفل بعد المدرسة، بأن الطفل يشعر أنه قد خرج من الضغط إلى الراحة، ومن التقييد الى الحرية، “فما أن يصل البيت حتى يشعر بطاقة غضب كبيرة؛ فينفجر في أبويه بالصراخ، وأحيانا مع عدم قدرته على احتضانهم بسبب طاقة الغضب التي يعاني منها، فيغضب أكثر”.
أسباب الانهيار بعد المدرسة
الحساسية الشديدة لدى بعض الأطفال: في حين أن “انهيار القيود بعد المدرسة” يمكن أن يؤثر في جميع الأطفال، إلا أنه يمكن أن يكون أكثر وضوحا عند الأطفال الحساسين الذين يعانون من مشكلات في التعلم أو التنشئة الاجتماعية، أو الذين شُخّصت إصابتهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والتوحد. وقد تؤدي المزيد من نقاط الضعف كذلك؛ مثل: قلة النوم أو الجوع أو الإفراط في التحفيز أو المرض، إلى فقدان الطفل -حتى الأكثر اعتدالا- السيطرة على نفسه في البيت.
وبجانب تأثير الجدول المدرسي على الطفل، والوقت الكبير الذي يقضيه بعيدا عن المنزل، وافتقاد الوالدين، والاضطرار إلى الجلوس لساعات، وتعلم الموضوعات الصعبة، مما يؤثر عاطفيا وجسديا فيه، ويذكر أحمد سريوي سببين مهمين إضافيين:
طريقة التعليم المدرسي: إن كانت الطرق تقليدية مقيدة للطفل فإن هذه الحالة ستزيد، ولكن لو كانت المدرسة تتبع إستراتيجيات التعلم الحديث -مثل: التعلم باللعب والمونتيسوري وغيرها-، فإن الطفل لن يشعر من الأساس بمشاعر التقييد وعدم الحرية، خاصة لطلبة الروضة والتمهيدي ورياض الاطفال.
غياب احتواء الأهل: عدم معرفة الأهل بطرق احتواء الطفل بعد عودته من المدرسة، لتجنب دخوله في تلك الحالة، قد يسهم بصورة كبيرة في حالات الانهيار بعد المدرسة لدى الأطفال.
تخفق بعض الأمهات في التعامل مع “انهيارات ما بعد المدرسة”، وتظل عالقة في دائرة من الغضب والغضب المقابل، دون القدرة على كسرها أو احتوائها. ويطرح الاستشاري النفسي والأسري أحمد سريوي عددا من النصائح حول كيفية التعامل مع تلك المشاعر المفاجئة بعد المدرسة:
تقبل تلك المشاعر: ومحاولة احتواء الطفل وتدريبه على التعبير عن مشاعره.
إبداء التعاطف الإيجابي معه: من خلال الإقرار بأنه مرّ بيوم طويل ومرهق، ولا تبدأ بسؤاله عن المدرسة فورا.
امنحه وقتا لتخفيف الضغط: إذ من المهم ألا تبدأ الأم مع الطفل في الدراسة فورا، من باب أنه ما زال في جو المدرسة ويتذكر ما درسه هناك، يجب على الأم أن تعطي الطفل فترة راحة يستشعر فيها الفصل التام عن البيئة المدرسية.
الطعام: من المهم عند عودة الطفل إلى البيت أن يبدل ملابسه ويتناول الطعام، فقد يكون شعور الطفل بالجوع سببا كبيرا في غضبه دون أن يعلم ذلك.
زيادة وقت اللعب: منح الطفل وقتا للعب لفترة مناسبة والاستمتاع ومشاركته ذلك، يكون له تأثير كبير لتفريغ التوتر والغضب. وبعد ذلك يمكن أن يبدأ الطفل الدارسة وحل الواجبات المدرسية.
إدراك الأسباب التي تؤدي إلى وجود مثل هذه الحالة، والتأكد من عدم وجود سبب شخصي؛ مثل: تعرض الطفل لمضايقات، أو تنمر والتواصل مع المدرسة والمختصين إذا كان هناك سبب يستدعي ذلك.