#مؤسسة_رؤى_للدراسات
على الرغم من أن الاتصال البصري يعد جزءا مهما للغاية في التفاعلات اليومية، فإن السمة الشائعة لمن يعاني من اضطراب طيف التوحد (ASD) هي قلة التواصل البصري مع الآخرين في الظروف الطبيعية.
يذكر موقع “أوتزم بارتنرشب” (Autism Partnership) أن التواصل البصري سلوك تلقائي لمعظم الناس، ولا يتعين عليهم عادة التفكير أو التدرب على كيفية النظر إلى الآخرين وأين ينظرون ومتى ينظرون بعيدا.
وعلى الرغم من ذلك، يواجه الأطفال المصابون بالتوحد صعوبات في فهم الاتصالات غير اللفظية ولا ينتبهون لأفكار الآخرين ومشاعرهم، فالأشياء التي يهتمون بها مثل الملصقات أو الأشياء الدوارة وما إلى ذلك تشتت انتباههم بسهولة، ومن ثم سيكون الأطفال أقل حماسة للنظر إلى الشخص أمامهم وبمرور الوقت سيقرن الطفل اتصال العين بالملل.
وفي البحث عن أسباب ضعف التواصل البصري وارتباطه بالتوحد، توصل باحثون من جامعة ييل بالولايات المتحدة الأميركية أخيرا إلى تحديد مناطق معينة من الدماغ مرتبطة بالأعراض الاجتماعية الخاصة بالتوحد، ومنها ضعف القدرة على التواصل البصري.
توصلت الدراسة التي نُشرت في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في مجلة “بلوس وان” (PLOS ONE)، إلى وجود منطقة من الدماغ تُعرف باسم “القشرة الجدارية الظهرية” تُظهر نشاطا أقل عندما يقوم شخص مصاب بالتوحد بإجراء اتصال وجها لوجه مقارنة بشخص غير مصاب بالتوحد. وتوفر هذه النتيجة مؤشرا بيولوجيا يساعد في كشف الإصابة بالتوحد وتقييم درجته.
وتوصلت الدراسة، وفقا لموقع “Psychiatrist”، كذلك إلى أن السمات الاجتماعية لاضطراب طيف التوحد ارتبطت أيضا بالنشاط في المنطقة نفسها من الدماغ.
وإذا كان ذلك هو ما توصلت إليه الدراسة فيما يتعلق بعلاقة الدماغ بضعف التواصل البصري لدى مصابي التوحد، فهل يمكن بشكل عام مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد على تحسين الاتصال بالعين؟
يجيب عن هذا السؤال بالتفصيل موقع “بيهيفيروال إنوفيشن” (Behavioral Innovations) كالآتي:
التواصل البصري مرهق لطفل التوحد فلا تجبريه على ذلك
غالبا ما يسبب التواصل بالعين مع الآخرين ضائقة شديدة لأطفال التوحد ويكون غير مريح لهم، لذلك يفضل الطفل ببساطة التفاعل مع الآخرين بطرق لا تتطلب منهم إجراء هذا النوع من الاتصال، فهم يفضلون النظر إلى شيء آخر في بيئتهم أثناء التواصل مع الشخص الآخر.
وعلى الرغم من أن الاتصال بالعين مع الآخرين مهارة مفيدة في الحياة اليومية، فإنه ليس ضروريا دائما ولا ينبغي أن يكون سببا في أن تضغط على طفلك للقيام به.
ويمكن لبعض الأطفال والبالغين المصابين باضطراب طيف التوحد تعلم كيفية التواصل البصري إلى حد ما، لكن إجبارهم أو محاولة الضغط عليهم للقيام بذلك قد لا يكون أفضل طريقة لمساعدتهم على تحسين قدرتهم ورغبتهم في القيام بذلك.
صور عن أطفال التوحد
تأكدي من مراعاة ما يشعر به الطفل أو ما يختبره عندما يحاول الاتصال بالعين (شترستوك)
النظر إلى شيء آخر
أحد الأشياء التي يتعلم الأفراد المصابون بالتوحد القيام بها لمساعدتهم على تعويض الانزعاج الذي يشعرون به عند إجراء اتصال بالعين هو النظر إلى شيء آخر غير وجه شريكهم في التواصل أثناء التفاعل الاجتماعي، فدعيهم يفعلون ذلك.
وعلى الرغم من كون الطفل لا يقوم بالتواصل البصري، فإنه يظل قادرا على المشاركة في محادثة وإبداء الاهتمام بما يتواصل معه الشخص الآخر.
انتبهي للفروق الفردية
عند اتخاذ قرار يتعلق بضرورة مساعدة طفلك على التواصل بالعين، تأكدي من مراعاة ما يشعر به الطفل أو ما يختبره عندما يحاول الاتصال بالعين؛ هل يجعله ذلك قلقا أم يجعله مرتاحا؟ هل يعبر الطفل عن نفسه لفظيا بشكل أكثر فاعلية عندما لا يقوم بالاتصال بالعين أو يقلق بشأن التواصل البصري؟
كما يجب التعامل بحذر مع مسألة تعليم الأطفال المصابين بالتوحد كيفية إجراء اتصال بالعين، والتأكد إذا كان ذلك مفيدا للطفل أم لا.
نصائح لتحسين الاتصال بالعين
لا توجد طريقة واحدة للتعامل مع مساعدة الأطفال على التواصل البصري. وفي ما يلي بعض النصائح حول كيفية التعامل مع التواصل البصري لدى الأطفال المصابين بالتوحد:
تقوية حوادث الاتصال بالعين
تتمثل إحدى طرائق مساعدة الأطفال على التواصل بالعين مع الآخرين في ملاحظة ذلك حينما يحدث بشكل طبيعي، وتقويته. وأحد الأشياء للقيام بذلك هو قول شيء، مثل “شكرا لأنك نظرت إلي عندما كنت أتحدث”.
إجراء محادثات حول الموضوعات المفضلة لطفلك
يعد الانخراط في محادثة حول موضوع يهتم به طفلك طريقة أخرى يمكنك من خلالها محاولة تعزيز التواصل البصري لطفلك معك. على سبيل المثال، وبينما يتحدث طفلك عن موضوعه المفضل سواء كان ذلك الأبطال الخارقين أو القطارات أو غيرها، يمكنك إلقاء نظرة عليه والمشاركة في المحادثة.
نموذج تقليد الاتصال بالعين
ترتبط هذه الإستراتيجية بتقليد السلوك، فإذا رآك طفلك تتواصلين بصريا مع الآخرين فمن المرجح أن يحاول القيام بذلك أما إذا رآك تنظرين إلى هاتفك وتتحدثين إلى شخص ما في الوقت نفسه فمن المحتمل أن يلتقط هذا النوع من السلوك.
التواصل مع المقربين أولا
قد يكون من الأفضل العمل على دعم التواصل البصري لطفلك مع الأشخاص الذين يعرفهم جيدا مثل الوالدين أو أحد الأشقاء قبل محاولة حثهم على التواصل بالعين مع الآخرين في حياتهم اليومية مثل المعلم أو حتى أي شخص غريب.
تشجيع الاتصال بالعين
إحدى الإستراتيجيات التي قد تجعل طفلك ينظر نحوك وربما يجري اتصالا بالعين هي التوقف بعد أن يطلب منك شيئًا ما. إذا قال طفلك “هل يمكنني الحصول على بعض العصير؟” بدلًا من مجرد تسليمه له، انتظري لحظة ولاحظي إذا كان ينظر إليك، يمكنك حثه على النظر في اتجاهك إذا كان ذلك منطقيًّا له.