#مؤسسة_رؤى_للدراسات_والأبحاث
ربما وجد الباحثون أخيرا، تفسيرا علميا للمقولة المأثورة “التعلم في الصغر كالنقش على الحجر”، حيث يشاع أن الأطفال يتعلمون بشكل أكثر كفاءة من البالغين، وهذا ما أكده بحث علمي جديد نشر في مجلة “كرنت بيولوجي” (Current Biology) في 15 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وفقا لموقع “سايتك ديلي” Scitech Daily، فإن البحث الجديد أكد أن الأطفال هم أكثر ذكاء من الكبار، أو على الأقل أسرع في اكتساب مهارات ومعارف جديدة.
ويؤكد البحث الجديد أن الأطفال يكتسبون بالفعل معارف ومهارات جديدة بشكل أسرع من الكبار، وكل ذلك يعود إلى مادة كيميائية في الدماغ تسمى “جي إيه بي إيه” (GABA)، والتي تعمل على ترسيخ المعلومات التي تعلمها الصغار حديثا في أدمغتهم.
وفقا لموقع Kidsnews “كيدز نيوز”، فإن الباحثين في الدراسة من الولايات المتحدة وألمانيا، وجدوا أن مستويات “جي إيه بي إيه” تزداد بسرعة في أدمغة الأطفال في سن المدرسة الابتدائية، أي أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و11 عاما، وذلك أثناء تعلمهم مهام أو معلومات جديدة، وتستمر هذه الزيادة كذلك في الدقائق التالية لتعلمهم شيئا جديدا.
أما بالنسبة لمستوى “جي إيه بي إيه” في أدمغة البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما فإنه لا يتغير أثناء أو بعد الدروس في المهام والمعلومات الجديدة.
يقول تاكيو واتانابي، مؤلف الدراسة الرئيسي وأستاذ العلوم المعرفية واللغوية في جامعة براون بالولايات المتحدة، “تظهر نتائجنا أن الأطفال في سن المدرسة الابتدائية يمكنهم تعلم المزيد من العناصر خلال فترة زمنية معينة مقارنة بالبالغين
إن افتراض أن الأطفال يتعلمون بشكل أكثر كفاءة من البالغين كان شائعا منذ فترة طويلة، إلا أن الدعم العلمي لهذا الافتراض كان ضعيفا.
وفقا لموقع “ساينس ديلي” (Sciencedaily)، فإن الاختلافات في مستويات “جي إيه بي إيه” كانت لها علاقة واضحة بسرعة التعلم لدى الأطفال. وقد أجريت الدراسات بالفعل إلا أن الباحثين قاموا بقياس “جي إيه بي إيه” عند الأطفال في نقطة زمنية واحدة وفي وقت لم يكن له أي أهمية خاصة من حيث التعلم، ولم يتوصلوا إلى نتائج ملموسة.
ووجدت أن التعلم المرئي تسبب في زيادة “جي إيه بي إيه” في القشرة البصرية للأطفال، وهي منطقة الدماغ التي تعالج المعلومات المرئية. وقد ظلت الزيادة في “جي إيه بي إيه” لعدة دقائق بعد انتهاء التدريب. في المقابل لم تكن هناك تغييرات في “جي إيه بي إيه” على الإطلاق لدى البالغين الذين حصلوا على نفس التدريب البصري.
يتنبأ الاكتشاف الجديد بأن التدريب على العناصر الجديدة يزيد بمزيد من تركيز مادة “جي إيه بي إيه” لدى الأطفال ويسمح بالتعلم بسرعة.
ويقول سيباستيان إم فرانك، الذي يعمل حاليا في جامعة ريغنسبورغ بألمانيا، “في التجارب السلوكية اللاحقة، وجدنا أن الأطفال حقا استقروا في التعلم الجديد بسرعة أكبر بكثير من البالغين، وهو ما يتفق مع الاعتقاد الشائع بأن الأطفال يتفوقون على البالغين في قدراتهم التعليمية، ومن ثم تشير نتائجنا إلى أن “جي إيه بي إيه” تلعب دورا رئيسيا في جعل التعلم فعالا لدى الأطفال”.
اكتساب المهارات والمعارف لدى الأطفال يعود إلى مادة كيميائية في الدماغ تسمى “جي إيه بي إيه” (GABA) (بيكسلز)
امنح أطفالك فرصا للتعلم
يقول الباحثون إن النتائج تشير إلى أن الأطفال من المحتمل أن يتعلموا معارف ومهارات جديدة بسرعة أكبر من البالغين، وأن هذا يجب أن يشجع المعلمين وأولياء الأمور على منح الأطفال أكبر عدد ممكن من الفرص لتعلم مهارات جديدة.
كما يقول واتانابي إن النتائج يمكن أن تستخدم أيضا لمساعدة البالغين على التعلم بشكل أكثر كفاءة. و”على سبيل المثال، يمكن تطوير تقنية أو علاج جديد لزيادة كمية “جي إيه بي إيه” في أدمغة البالغين”.
ويقول واتانابي إنه على الرغم من أن أدمغة الأطفال لم تنضج بعد بشكل كامل وأن العديد من وظائفهم السلوكية والمعرفية ليست فعالة كما هو الحال لدى البالغين، فإن الأطفال بشكل عام لا يتفوقون على قدرات البالغين، ولكن على الأقل هم متفوقون على البالغين في بعض القدرات مثل التعلم البصري.