على رغم صفاء الجو السياسي الذي تعيشه حكومة السوداني، فإن المواقف السياسية قد تحول أيام الربيع إلى شتاء قارس في أي لحظة”
تبدو حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني التي تشكلت نهاية العام الماضي تعيش استقراراً بعد جمود سياسي استمر أكثر من عام، إذ يؤكد السوداني أن البرنامج الحكومي يمثل رؤية مجلس الوزراء المستقبلية ويترجم خطط وبرامج الوزارات المنوي تنفيذها في المرحلة المقبلة.
ويعتزم رئيس الوزراء الحالي بناء الدولة وتحريك عجلة الاقتصاد العراقي نحو الأمام وتحقيق السيادة التي شهدت انتهاكات وخروقات متعددة وحل الخلافات بين بغداد وأربيل وفق الدستور، وغيرها من الأهداف.
وأسهمت الصراعات السياسية التي يشهدها العراق منذ تشكيل النظام الحالي بعد 2003 في تأخير عملية التنمية الاقتصادية وغياب الاستقرار السياسي، لكن يبقى السؤال، هل تضعف الصراعات السياسية عزيمة السوداني في بناء الدولة؟
في هذا السياق، قال الباحث السياسي نبيل جبار التميمي، “على رغم صفاء الجو السياسي الذي تعيشه حكومة السوداني اليوم في أشهرها الأولى، فإن المواقف السياسية قد تحول أيام الربيع إلى شتاء قارس في أي لحظة”. ورأى التميمي أن السوداني يواجه اليوم مجموعة معقدة من العلاقات السياسية التي يتوجب عليه إجراء موازنات في ما بينها للمحافظة على استقرار حكومته.
أضاف التميمي، “واحدة من أكبر القضايا المقلقة للحكومة هي ترقب القوى المعارضة لأدائها وتوظيف واستثمار كل تعثر لصالحها لتأليب الرأي العام ضد الحكومة، وتتمثل قوى المعارضة اليوم بـ(الصدريين) الذي سبق لهم الانسحاب من المشهد السياسي، و(التشرينيين) ممثلين بالناشطين السياسيين الذين برزوا خلال فتره احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019”.
وتابع الباحث السياسي أن مهمة إجراء توازنات سياسية دائمة بين الأطراف الرئيسة تبقى مشكلة الحكومة “فأمام السوداني سلسلة من السياسات التي تتطلب تنفيذها، والتي جرت عبر اتفاق سياسي موقع بين الأطراف الثلاثة، القوى السنية والشيعية والكردية، وقد يشكل تعثر الحكومة في تنفيذها سبباً لاضطراب سياسي أو صراع جديد”.
وأوضح التميمي أن “الإطار التنسيقي” الشيعي، الذي تجاوز عدد أعضائه 140 عضواً، يبقى العمود الأساس في تشكيل الحكومة الحالية، ومدى تماسكه وتوحده يعكس قوة الحكومة، “وفي الوقت ذاته، يتكون الإطار التنسيقي من عدد واسع من الأحزاب والتيارات السياسية، وقد تؤدي هذه التعددية إلى إمكانية التفكك في أي لحظه، وتأتي مهمة السوداني الأخرى في إجراء توازن سياسي آخر معني بالإطار التنسيقي وأعضائه داخل الحكومة”. وأكد أن تحديات سياسية متعددة ومختلفة قد ترهق رئيس الحكومة. وتلفت أنظاره عن القضايا والأهداف التي يتوجب التركيز عليها، فضلاً عن أن كثيراً من الأهداف الحكومية تتطلب تعاوناً سياسياً بين أعضاء الحكومة، وبين سلطات مختلفة كالسلطتين التشريعية والتنفيذية، إلا أن الصراعات السياسية تركت تداعياتها على الجانب الاقتصادي الذي يهدف السوداني إلى النهوض به، والذي يعد جزءاً رئيساً من برنامجه الحكومي.
بدوره، قال الباحث الاقتصادي بسام رعد، “تؤثر الصراعات السياسية تأثيراً عميقاً، وتطاول تداعياتها الاقتصاد الكلي وتعرقل عملية التنمية وتسهم في إهمال القطاعات الإنتاجية والخدمية، بالتالي تكبيد الاقتصاد خسائر باهظة”. وشدد على أنه لا يمكن أن يكون هناك نمو اقتصادي حقيقي ما لم يكن هنالك استقرار سياسي وأمني ومجتمعي. وتابع أن الصراعات السياسية تؤدي إلى خلق حال من عدم اليقين، “ولكي ينهض الاقتصاد وينمو لا بد من أسس يقف عليها، وهذه الأسس في حاجة إلى استقرار سياسي وأمني”.
وشدد رعد على أن الاستقرار السياسي والأمني يأتي في مقدمة العناصر التي يبحث عنها رأس المال المحلي والأجنبي لضخ الأموال داخل دورة الاقتصاد الوطني، “وعليه ينبغي على صانعي القرار السياسي تبني التنمية السياسية من خلال عملية تحول شاملة تسير نحو الأفضل في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفق منظومة قائمة على التعددية التنافسية ومعايير الكفاءة في تولي المناصب القيادية وتوفير آليات مشاركة حقيقة تضمن الأمن والاستقرار والاندماج المجتمعي”. وختم بأن الظرف الراهن يتطلب من جميع الساسة تجاوز الخلافات والصراعات والعمل على استثمار فرصة زيادة عوائد إيرادات النفط وتوجيهها نحو عملية إعادة الأعمار في القطاعات الأساسية، ولا سيما الزراعة والتعليم والصحة والسكن.
٠
الأشخاص الذين تم الوصول إليهم
٠
التفاعلات
–
مجموع نقاط التوزيع
أعجبني
تعليق
مشاركة