#مؤسسة_رؤى_للدراسات
نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالين تناولا قضية المنطاد الصيني فوق ولاية مونتانا. عقد المقال الأول مقارنة بين إحدى الأزمات لطائرات التجسس الأميركية على الاتحاد السوفياتي السابق في الستينيات، ورجح المقال الآخر أن الغرض من إرسال المنطاد الصيني ربما يكون شيئا آخر غير التجسس.
يقول كاتب المقال الأول ريتشارد ألدوس إن أصداء الحرب الباردة التي استمرت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية الثمانينيات منتشرة حاليا في كل مكان، مضيفا أن قصة المنطاد الصيني تعيد إلى الأذهان أزمة طائرة التجسس الأميركية U-2 عام 1960، حيث أسقط الاتحاد السوفياتي تلك الطائرة، الأمر الذي أدى إلى إجهاض لقاء قمة أميركي سوفياتي كان مقررا بين الزعيمين دوايت آيزنهاور ونيكيتا خروتشوف في باريس.
ضرر الأحداث غير المتوقعة على الدبلوماسية
وقال إن الأحداث غير المتوقعة يمكن أن تدمر سنوات من الجهد الدبلوماسي، وإن الصينيين على الأرجح يتدافعون الآن في حالة من الذعر لتوضيح قصتهم.
وأضاف أن الطرفين، أميركا والاتحاد السوفياتي، كلاهما كان يعلم أن تلك الطائرة كانت تطير فوق الأراضي السوفياتية منذ منتصف الخمسينيات، وعندما أصدرت وكالة ناسا بيانا قالت فيه إنها كانت طائرة طقس انحرفت عن مسارها، عرض السوفيات منتصرين أجزاء من الحطام، وتم إلغاء القمة بين رئيسي البلدين، وتبددت آمال آيزنهاور في تحقيق انفراج في الحرب الباردة في نهاية فترة رئاسته.
وعلق ألدوس بأن قرار وزير الخارجية الأميركي الحالي أنتوني بلينكن بتأجيل رحلته للصين يعني أنه لم يسلك طريق خروتشوف، وفي نسخة كربونية من بيان وكالة ناسا أثناء أزمة U-2، قالت بكين حاليا إن المنطاد الذي كان يحلق فوق مونتانا قد تم استخدامه لأبحاث الطقس، وانحرف عن مساره.
المسؤولية الشخصية للرئيس
وقال ألدوس إن الرئيس الصيني شي جين بينغ يواجه الآن الخيار نفسه غير المستساغ الذي فعله آيزنهاور، وهو تحمل المسؤولية الشخصية عن هذا العمل التجسسي، إذ أعلن آيزنهاور أنه هو المسؤول، ووافقه نائبه ريتشارد نيكسون، الذي قال إن البديل الوحيد عن هذا الإعلان “يتمثل في الإيحاء بأن الحرب يمكن أن تبدأ دون علم الرئيس”.
وأشار الكاتب إلى أن آيزنهاور اعترف دون اعتذار وقال: “منذ بداية إدارتي، أصدرت توجيهات لجمع -بكل طريقة ممكنة- المعلومات المطلوبة لحماية الولايات المتحدة والعالم الحر من الهجوم المفاجئ وتمكينهما من القيام باستعدادات فعالة للدفاع”، كما اعترف بأن مثل هذه الإجراءات كانت “ضرورة مقيتة لكنها حيوية”.
وذكر الكاتب أن المؤرخين أشادوا بآيزنهاور لنزاهته في تحمل المسؤولية الشخصية في لحظة خطيرة، وأضاف أن الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي خلص، بعد أزمة الصواريخ، إلى أنه من المهم أن يكون قادرا على التحدث مباشرة إلى خروتشوف شخصيا، ليلا أو نهارا.
وختم ألدوس مقاله بالقول إن بلينكن لن يسافر حاليا، لكن قد يكون الوقت قد حان للرئيس جو بايدن أو الرئيس شي جين بينغ لالتقاط الهاتف لمنع الأحداث من التصعيد.
المنطاد ليس وحده
أما كاتب المقال الثاني، وهو آرثر هولاند ميشيل، فيقول إن المنطاد الصيني لن يكون هو الوحيد الذي يراقب أميركا من سمائها، مضيفا أنه إذا كان للتجسس، كما يدعي البنتاغون، فالمنطق يقول إنه كان يجب أن يتخذ إجراءات دقيقة للتخفي، فهو منطاد عملاق.
وإذا أضفنا -يقول الكاتب- ما قاله المسؤولون الأميركيون يوم الخميس من أن المنطاد لن يصل إلى معلومات جديدة لم تتمكن الصين من الوصول إليها بوسائل أخرى، فمن المرجح أنه أرسل على وجه التحديد لغرض رؤيته، فقد استحوذ على شيء ثمين، وهو انتباهنا، وهذا يجعل الحادث درسا مهما حول كل من القوة والانتشار المتزايد لتكنولوجيا المراقبة الجوية.
التأثير النفسي
ويرجح الكاتب أن الغرض من إرسال المنطاد هو التأثير النفسي على الشعب الأميركي، فهناك الإهانة وهناك إثارة الشعور الجماعي بانعدام الأمن، الذي اخترقه كيس من الغاز لا تتجاوز سرعته سرعة رياح قوية.
ويلاحظ الكاتب أيضا أنه قبل عقد من الزمان كانت معظم الأماكن على الأرض تتم رؤيتها بواسطة الأقمار الاصطناعية فقط كل بضعة أيام أو أسابيع، أما الآن، فقد لا تمر أكثر من بضع ساعات منذ أن التقط شيء ما صورة فوق رؤوسنا.