#مؤسسة_رؤى_للدراسات
تواجه النساء في بيئة العمل تحديات تتعلق بسلوكيات عدد من زملائهن الذكور، ويشمل ذلك تحيزات واعية أو غير واعية ضدهن تظهر مثلا في مقاطعتهن أثناء حديثهن، أو سرقة أفكارهن، أو محاولة إرشادهن في مجالات عملهن وتخصصهن.
ونشر قسم الاجتماع، في جامعة ميشيغان ورقة بحثية عن أنماط التحيز الجندري ضد النساء أثناء الحديث، بعدما استقصى أساتذة القسم عن مواقف تعرضت لها أستاذات جامعيات أميركيات.
وعرض التقرير المنشور عام 2015 أنماطا ثلاثة رئيسية للتحيز:
“مقاطعة ذكورية” (Manterrupting): وهنا يقاطع رجل امرأة أثناء حديثها، قبل أن تُنهي دورها في الحديث بطريقة طبيعية.
“سرقة الأفكار” (Bropriating): وهنا تعرض المرأة أفكارها، ولا يهتم بها أحد، ثم يعرض الرجل الفكرة ذاتها، وتؤخذ حينها بعين الاعتبار، وينسب الفضل لنفسه في ابتكارها.
“تنظير ذكوري” (Mansplaining): حين يحاول رجل شرح أمر مفهوم لامرأة، سواء كان يخص عملها، أو كان بديهيا.
“عفوًا.. أنا أتحدث”
كان باحثو جامعة كاليفورنيا أول من درسوا العلاقة بين جنس المتحدث والمقاطعة السلبية أثناء الحديث، ففي عام 1973 راجع الباحثون 31 محادثة مسجلة، ولاحظوا 48 مقاطعة سلبية، ارتكب الرجال 47 منها ضد نساء.
ووجد باحثون بجامعة جورج واشنطن، عام 2014، أن الرجال يقاطعون حديث غيرهم، بنسبة أكبر بـ 33% إذا كان المتحدث امرأة. وتوصل تقرير عن كلية نورث ويسترن للقانون، عام 2017، إلى نتيجة مشابهة عند المقارنة بين قضاة المحكمة العليا والقاضيات.
وعرض تقرير لمجلة “تايم” (Time) الأميركية تفسيرا لمقاطعة الرجال لحديث النساء، فقالت تالي ميندلبيرغ أستاذة السياسة، بجامعة برينستون ومؤلفة كتاب “الجنس الصامت ” (The Silent Sex)، إن الرجال يقاطعون النساء أثناء حديثهن، لإظهار الهيمنة والقوة، ويقع ذلك دون وعي من الرجل، ويستمر في اتباعه إذا اتسم حديث المرأة بالهدوء والتهذب.
“لا تسرق أفكاري”
تشير دراسات إلى أن النساء يقللن من قيمة أفكارهن في مكان العمل وخارجه، ويستغل بعض الرجال تلك الفرصة، للاستيلاء على تلك الأفكار. فقد حلل باحثو 5 جامعات برازيلية، عام 2019، الصعوبات التي تواجهها العالمات في قسم الأحياء واكتشفوا أن سرقة الأفكار تأتي في المرتبة الثانية، من بين أشكال التحيز الجندري، بعد المقاطعة السلبية؛ ووجد الباحثون أن 38% من العالمات تعرضن للمقاطعة من رجل، وعانى 37% منهن من سرقة أفكارهن.
وأفاد 59% منهن بمرورهن بواحدة على الأقل من المقاطعة السلبية، أو التنظير الذكوري، أو سرقة الأفكار، أو الاتهام بالمبالغة. ورغم ذلك جاءت نسبة النساء اللائي شعرن بالتمييز ضدهن منخفضة، وفسر الباحثون ذلك بأن بعض النساء يقللن من أثر المواقف التمييزية.
وفي نفس السياق، أظهرت نتائج أعلنتها مدرسة الإدارة، في كلية بوسطن، عام 2017، أنه سواء سرق الرجل فكرة زميلته، أو لم يسرقها، فإن المستمعين، من كلا الجنسين، يميلون لتعظيم أفكار الرجال.
“أنا أفهم مثلك”
لم تقم أية دراسة بتقييم مدى انتشار نمط “التنظير الذكوري” قبل عام 2019، حين درسها باحثو قسم الأنثربولوجيا، في جامعة تكساس. وعرّفوا “التنظير الذكوري” بأنه “توجيه رجل تعليقات نقدية، أو تفسيرية، أو إرشادية لامرأة، حتى لو كانت المستمعة ذات خبرة في الموضوع الذي تتم مناقشته”.
وطبق باحثون أدوات تحليل الخطاب على الاجتماع السنوي للجمعية الأنثروبولوجية الأميركية، حيث تألف الحضور من متخصصين في مجال الأنثروبولوجيا، وشكلت النساء 57% من نسبة الحضور.
وحلل الباحثون 45 جلسة، ووجدوا أن النساء التزمن بطرح الأسئلة في الوقت المخصص لهن، ولم يقاطعن المتحدثين، وزادت مشاركتهن عندما قل الحضور. في المقابل قلّ عدد الأسئلة الجادة والمباشرة من جانب الرجال، وزاد احتمال طرحهم لأسئلة انتقادية. كما لاحظ الباحثون اختلافا في استقبال النساء للانتقاد عن الرجال؛ فتكتفي النساء بالابتسام، والنظر بعيدا، في حين اتسمت ردود أفعال الرجال بالحزم.
كيف تتعاملين مع تلك الوضعيات؟
إذا تمت مقاطعتك لأي سبب، عدا طلب أحدهم للتوضيح، قولي “هناك بعض النقاط الأساسية التي أحتاج توضيحها. هل يمكنك تدوين تعليقك إلى أن أنهي حديثي؟”
استخدمي جملا أقصر كي لا تطول أنفاسكِ، لجعل المقاطعة أكثر صعوبة. واستخدمي كلمات تعبر عن ثقتكِ، مثل: “أعرف” بدلا من “أعتقد”.
كوني حازمة، فقد أثبتت دراسة نشرتها مجلة “فوربس” (Forbes) أن الرجال يقاطعون النساء إذا ابتسمن، أو أظهرن خجلهن، ولم ينظرن إلى من يتحدثن إليه.
ينصحكِ برنامج المرأة والسياسات العامة بجامعة هارفارد، برفع نبرة صوتكِ إذا قاطعكِ أحدهم، واستعادة السيطرة على الحديث.
لا تعلني أفكارك شفهيا، لكن اكتبيها على السبورة، أو دونيها في ملف الاجتماع، أو أرسلي فكرتكِ في بريد إلكتروني للمقترحات.
إذا نسب زميلكِ فكرتكِ لنفسه، فلا تكوني صدامية، فربما نسي أنكِ قلت تلك الفكرة، لكن ينبغي عليكِ القول مثلا “نظرا لطرحي هذه الفكرة في وقت سابق، فربما يمكننا التعاون على تنفيذها” والمطالبة بحقك، حتى وإن لم تستعيديه في النهاية.
عند عرض فكرتكِ، لا تستخدمي كلمات مثل “ربما” و “آسفة”، وتحذيرات مثل “قد تكون هذه فكرة غبية” فيتيح ذلك مجالا لشخص ما للاستفادة من نقص ثقتك بفكرتك.
ساعدي غيرك من النساء، فوفقا لصحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) توصلت النساء مؤخرا إلى إستراتيجية ناجحة، اسمها “التضخيم”، تكرر فيها النساء الحاضرات فكرة عرضتها امرأة، وينسبن الفكرة لها في كل اجتماع، مما يجبر الآخرين على تذكر المساهمة، ومن قدمها.
المصدر : مواقع إلكترونية